فصل: بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ عَلَى مَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ: مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا وَمِنْ قَوْلِهِ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُطْلَقًا وَفِي السَّبَبِ الَّذِي كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **


بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إبْرَاهِيمَ وَمَا ذَكَرَ مَعَهُ سِوَاهُ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ ذَلِكَ فِيهِ

حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إبْرَاهِيمَ إذْ قَالَ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى إلَى قَوْلِهِ قَلْبِي وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا‏,‏ لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ كَمَا لَبِثَ يُوسُفُ لاََجَبْت الدَّاعِيَ‏.‏

حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبَانَ أَبُو عَلِيٍّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عِيسَى بْنِ تَلِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ مُضَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مِثْلَهُ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى وَلَمْ يَقُلْ إذْ قَالَ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ دَاوُد بْنِ أَبِي زَنْبَرٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيِّبِ وَأَبَا عُبَيْدٍ أَخْبَرَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ زَكَرِيَّا أَيْضًا سَوَاءً‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنِي عَمِّي جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ وَأَبَا عُبَيْدٍ أَخْبَرَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ زَكَرِيَّا أَيْضًا سَوَاءً فَتَأَمَّلْنَا قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إبْرَاهِيمَ إذْ قَالَ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى فَوَجَدْنَا إبْرَاهِيمَ عليه السلام قَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ اللهِ فِي نَفْسِهِ الآيَةَ الَّتِي لَمْ يَرَ مِثْلَهَا‏,‏ وَهُوَ إلْقَاءُ أَعْدَائِهِ إيَّاهُ فِي النَّارِ فَلَمْ تَعْمَلْ فِيهِ شَيْئًا لِوَحْيِ اللهِ إلَيْهَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلاَمًا عَلَى إبْرَاهِيمَ فَكَانَتْ آيَةً مُعْجِزَةً لَمْ يُرَ مِثْلُهَا قَبْلَهَا وَلاَ بَعْدَهَا فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام لِيَنْفِيَ الشَّكَّ عَنْ إبْرَاهِيمَ عِنْدَ قَوْلِهِ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى أَيِّدْ إنَّا وَلَمْ نَرَ مِنْ آيَاتِ اللهِ الآيَةَ الَّتِي أُرِيَهَا إبْرَاهِيمُ فِي نَفْسِهِ لاَ نَشُكُّ فَإِبْرَاهِيمُ مَعَ رُؤْيَتِهِ إيَّاهَا فِي نَفْسِهِ أَحْرَى أَنْ لاَ يَشُكَّ وَأَمَّا قوله تعالى لَهُ ‏{‏أَوَ لَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى‏}‏ وَقَدْ حَقَّقَ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ ‏{‏رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى‏}‏ لَمْ يَكُنْ عَلَى الشَّكِّ مِنْهُ‏,‏ وَلَكِنْ لِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ طَلَبِهِ إجَابَةَ اللهِ تَعَالَى فِي مَسْأَلَتِهِ إيَّاهُ ذَلِكَ لِيَطْمَئِنَّ بِهِ قَلْبُهُ وَيَعْلَمَ بِذَلِكَ عُلُوَّ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَهُ‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُهُ عليه السلام وَيَرْحَمُ اللَّهُ لُوطًا‏,‏ لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ أَيْ‏:‏ قَوْلُهُ لِقَوْمِهِ ‏{‏لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً‏}‏ أَيْ‏:‏ كَقُوَّةِ أَهْلِ الدُّنْيَا أَيْ‏:‏ يَنْتَصِفُ بِهَا بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ‏{‏أَوْ آوِي إلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ‏}‏ أَيْ‏:‏ مِنْ أَرْكَانِ الدُّنْيَا الَّتِي كَانُوا يُؤْذِنَهُ بِمِثْلِهَا وَلَهُ مَعَ ذَلِكَ الرُّكْنُ الشَّدِيدُ مِنْ اللهِ تَعَالَى الَّذِي لاَ رُكْنَ مِثْلُهُ‏,‏ وَلَكِنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إذْ كَانَ لاَ يَخَافُ الْفَوْتَ رُبَّمَا أَخَّرَ بَعْضَ عُقُوبَاتِ الْمُذْنِبِينَ لِمَا يَشَاءُ أَنْ يُؤَخِّرَهَا لَهُ مِنْ إمْلاَءٍ أَوْ مِنْ اسْتِدْرَاجٍ لَهُمْ مِنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ حَتَّى يُنْزِلَهَا بِهِمْ عِنْدَ مَشِيئَتِهِ ذَلِكَ فِيهِمْ كَمَا أَنْزَلَ بِذَوِي مَعَاصِيهِ مِنْ فِرْعَوْنَ وَسَائِرِ الآُمَمِ الَّتِي خَالَفَتْ عَلَيْهِ وَخَرَجَتْ عَنْ أَمْرِهِ وَعَنَدَتْ عَمَّا جَاءَتْهُمْ بِهِ رُسُلُهُ صلوات الله عليهم وَقَدْ وَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَجْهًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَبَبَ قَوْلِ لُوطٍ هَذَا كَانَ مِنْ أَجْلِهِ‏.‏

وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبٍ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَحْمَةُ اللهِ عَلَى لُوطٍ إنْ كَانَ لَيَأْوِي إلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ وَمَا بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ فِي ثَرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ لُوطٍ هَذَا كَانَ‏;‏ لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي ثَرْوَةٍ مِنْ قَوْمِهِ يُكَوِّنُونَ لَهُ رُكْنًا يَأْوِي إلَيْهِمْ وَأَمَّا قَوْلُهُ عليه السلام وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مِثْلَ مَا لَبِثَ يُوسُفُ لاََجَبْت الدَّاعِيَ أَيْ‏:‏ لأَنَّ يُوسُفَ لَمَّا جَاءَهُ الدَّاعِي قَالَ ارْجِعْ إلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ الآيَةَ أَيْ‏:‏ كُنْتُ أَجَبْتُ الدَّاعِيَ‏;‏ لأَنَّ فِي ذَلِكَ خُرُوجِي مِنْ السِّجْنِ الَّذِي كُنْت فِيهِ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مُرَادِ اللهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ هَلْ هُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلاَمٍ أَوْ مَنْ سِوَاهُ

حَدَّثَنَا يُونُسُ وَيَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ وَالرَّبِيعُ الْجِيزِيُّ وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد وَفَهْدٌ وَمَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَيْفٍ التُّجِيبِيِّ أَبُو سَعْدٍ قَالُوا أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكًا يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ قَالَ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لأَحَدٍ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ إنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلاَّ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ سَلاَمٍ وَفِيهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ‏{‏وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ‏}‏ فَأَنْكَرَ مُنْكِرٌ أَنْ يَكُونَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلاَمٍ هُوَ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الآيَةِ وَذَكَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا سِوَاهُ‏,‏ وَأَنَّهَا فِي سُورَةٍ مَكِّيَّةٍ‏,‏ وَأَنَّ إسْلاَمَ عَبْدِ اللهِ فَإِنَّمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ فِي قوله تعالى ‏{‏وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ‏}‏ قَالَ لَيْسَ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَلاَمٍ آيَةٌ مَكِّيَّةٌ وَإِنَّمَا أَسْلَمَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلاَمٍ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ عليه السلام بِعَامَيْنِ وَمَا أُنْزِلَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ وَإِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي رَجُلٍ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ آمَنَ بِهِ قَوْمُهُ وَاسْتَكْبَرْتُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا وَقَدْ وَافَقَ الشَّعْبِيُّ فِي نَفْيِ هَذِهِ الآيَةِ أَنْ تَكُونَ أُنْزِلَتْ فِي ابْنِ سَلاَمٍ وَفِي نَفْيِ آيَةٍ أُخْرَى قَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ‏:‏ إنَّهَا أُنْزِلَتْ فِيهِ أَيْضًا‏,‏ وَهِيَ قوله تعالى ‏{‏قُلْ كَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ‏}‏ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد بْنِ مُوسَى حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ قَالَ سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ قُلْت هُوَ ابْنُ سَلاَمٍ قَالَ كَيْفَ يَكُونُ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَلاَمٍ وَهَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ‏.‏

قَالَ‏:‏ وَكَانَ سَعِيدٌ يَقْرَأُ وَمَنْ عِنْدِهِ عِلْمُ الْكِتَابِ وَكَانُوا يَشُدُّونَ ذَلِكَ بِمَا يَرْوِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ حَدَّثَنَا الْخَفَّافُ عَنْ هَارُونَ النَّحْوِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ‏:‏ وَمَنْ عِنْدِهِ بِكَسْرِهَا وَيَقُولُ مَنْ عِنْدِ اللهِ عِلْمُ الْكِتَابِ‏.‏

فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْبَابَ هَلْ خَالَفَ فِيهِ الشَّعْبِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَحَدًا مِنْ أَمْثَالِهِمَا‏؟‏ فَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ قَالَ هُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلاَمٍ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ السَّمَّانُ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ فِي هَذِهِ الآيَةِ ‏{‏وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ‏}‏ قَالَ يَقُولُونَ ابْنُ سَلاَمٍ وَكَيْفَ يَكُونُ ابْنُ سَلاَمٍ وَهَذِهِ الآيَةُ مَكِّيَّةٌ‏؟‏ قَالَ ابْنُ عَوْنٍ فَنُبِّئْت أَنَّ مُحَمَّدًا يَعْنِي ابْنَ سِيرِينَ قَالَ صَدَقَ هِيَ مَكِّيَّةٌ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ يَعْنِي السُّورَةَ الَّتِي فِيهَا تِلْكَ الآيَةُ وَهِيَ سُورَةُ الأَحْقَافِ‏,‏ وَلَكِنَّهَا قَدْ كَانَتْ تَنْزِلُ الآيَةُ فَيُؤْمَرُ بِهَا أَنْ تُوضَعَ فِي مَكَانِ كَذَا‏,‏ وَكَذَا

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ يَعْنِي أَنَّهُ قَدْ كَانَتْ الآيَةُ تَنْزِلُ بِالْمَدِينَةِ فَيُؤْمَرُ بِوَضْعِهَا فِي سُورَةٍ قَدْ كَانَتْ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ‏.‏

ثُمَّ رَجَعْنَا إلَى حَدِيثِ مَالِكٍ الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ فَكَشَفْنَاهُ لِنَقِفَ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَوَجَدْنَا ابْنَ أَبِي دَاوُد وَفَهْدًا وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَمْرِو بْنِ صَفْوَانَ النَّصْرِيَّ الدِّمَشْقِيَّ قَدْ حَدَّثُونَا قَالُوا‏:‏ أَنْبَأَ أَبُو مُسْهِرٍ عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ مُسْهِرٍ الْغَسَّانِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ قَالَ مَا سَمِعْت النَّبِيَّ عليه السلام يَقُولُ لأَحَدٍ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ إنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلاَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَلاَمٍ وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهِ نُزُولُ تِلْكَ الآيَةِ فِيهِ فَوَقَعَ فِي قُلُوبِنَا مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَكَشَفْنَا عَنْهُ أَيْضًا حَتَّى وَقَفْنَا عَلَى الْحَقِيقَةِ فِيهِ بِمَنِّ اللهِ وَعَوْنِهِ‏.‏

فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْر ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏,‏ قَالَ فِيهِ قَالَ مَالِكٌ وَفِيهِ نَزَلَتْ ‏{‏وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ‏}‏ وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا عَمِّي‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَبِمَا أَضَافَهُ إلَى مَالِكٍ فِيهِ مِثْلَهُ فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ مِنْ كَلاَمِ النَّبِيِّ عليه السلام وَلاَ مِنْ كَلاَمِ سَعْدٍ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ كَلاَمِ مَالِكٍ فَخَرَجَ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى الشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي إثْبَاتِ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ أَنَّهُ كَانَ فِي عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلاَمٍ‏,‏ ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَا قَدْ رُوِيَ فِي نُزُولِهَا سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ‏.‏

فَوَجَدْنَا بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد صَاحِبُ الطَّيَالِسَةِ ثنا شُعَيْبُ بْنُ صَفْوَانَ ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ قَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلاَمٍ لِلَّهِ أَبُوكَ‏,‏ تَعْلَمُ حَدِيثًا حَدَّثَهُ أَبُوك عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ أَيُّ حَدِيثٍ يَرْحَمُك اللَّهُ‏؟‏ فَرُبَّ حَدِيثٍ حَدَّثَ بِهِ‏;‏ قَالَ حَدِيثُ الْمِصْرِيِّينَ لَمَّا حَاصَرُوا عُثْمَانَ رضي الله عنه‏;‏ قَالَ قَدْ عَلِمْتُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ فَحَدَّثَهُ بِهِ فَكَانَ فِيهِ أَنَّهُمْ قَالُوا لِعَبْدِ اللهِ بْنِ سَلاَمٍ لَمَّا حَذَّرَهُمْ مِنْ قَتْلِ عُثْمَانَ كَذَبَ الْيَهُودِيُّ كَذَبَ الْيَهُودِيُّ فَقَالَ‏:‏ كَذَبْتُمْ وَاَللَّهِ وَأَثِمْتُمْ مَا أَنَا بِيَهُودِيٍّ وَإِنِّي لاََحَدُ الْمُؤْمِنِينَ يَعْلَمُ ذَلِكَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ قُلْ كَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ وَالآيَةُ الآُخْرَى قُلْ أَرَأَيْتُمْ إنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ إخْبَارِ ابْنِ سَلاَمٍ بِنُزُولِ هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ فِيهِ أَوْلَى وَكَانَ بِمَا نُزِّلَ فِيهِ أَعْلَمَ وَلَمْ نَجِدْ أَحَدًا مِنْ الْقُرَّاءِ الَّذِينَ أُضِيفَتْ الْقِرَاءَةُ إلَيْهِمْ مِنْ الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا‏,‏ وَهُوَ قوله تعالى ‏{‏وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ‏}‏ إِلاَّ كَذَلِكَ وَلَمْ نَجِدْ أَحَدًا قَرَأَهَا بِالْكَسْرِ إِلاَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ جُبَيْرٍ رضي الله عنهما وَقَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ ثنا خَلَفٌ قَالَ قَرَأَ الأَعْمَشُ ‏{‏وَمَنْ عِنْدَهُ‏}‏ بِنَصْبٍ وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ كَمِثْلِهِ وَنَافِعٌ كَمِثْلِهِ وَابْنُ كَثِيرٍ كَمِثْلِهِ وَأَبُو عَمْرٍو كَمِثْلِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا مَخْرَجَ قِرَاءَةِ عَاصِمٍ وَرُجُوعَهَا إلَى عَلِيٍّ وَإِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ وَإِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنهم وَقِرَاءَةِ نَافِعٍ فَقَدْ كَانَتْ مَأْخُوذَةً عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ يَزِيدُ بْنُ الْقَعْقَاعِ‏,‏ وَكَانَ أَخْذُ أَبِي جَعْفَرٍ إيَّاهَا مِنْ مَوْلاَهُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَيَّاشٍ وَكَانَ أَخْذُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَيَّاشٍ إيَّاهَا مِنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ‏.‏

كَذَلِكَ حَدَّثَنِي رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ ذَلِكَ وَقِرَاءَةُ حَمْزَةَ مَأْخُوذَةٌ فِيمَا حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ مِمَّا سَمِعَهُ مِنْ خَلَفٍ الْبَزَّارِ أَنَّهُ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى سُلَيْمِ بْنِ عِيسَى عَشْرَ مَرَّاتٍ‏,‏ وَأَنَّ سُلَيْمًا حَدَّثَهُ أَنَّهُ قَرَأَهُ عَلَى حَمْزَةَ‏,‏ وَأَنَّ حَمْزَةَ ذَكَرَ أَنَّهُ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى رَجُلَيْنِ وَهُمَا الأَعْمَشُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى فَمَا كَانَ مِنْ قِرَاءَةِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى فَعَلَى حَرْفِ عَلِيٍّ وَمَا كَانَ مِنْ قِرَاءَةِ الأَعْمَشِ فَعَلَى حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمِمَّا أَخَذْنَاهُ مِنْ قِرَاءَةِ حَمْزَةَ عَنْ غَيْرِ ابْنِ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى أَخِيهِ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ‏,‏ وَأَنَّ أَخَاهُ قَرَأَهُ عَلَى أَبِيهِ‏,‏ وَأَنَّ أَبَاهُ قَرَأَهُ عَلَى عَلِيٍّ‏,‏ وَأَنَّ الأَعْمَشَ قَرَأَهُ عَلَى يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ‏,‏ وَأَنَّ يَحْيَى قَرَأَهُ عَلَى عُبَيْدِ بْنِ نُضَيْلَةَ‏,‏ وَأَنَّ عُبَيْدًا قَرَأَهُ عَلَى عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ النَّخَعِيِّ‏,‏ وَأَنَّ عَلْقَمَةَ قَرَأَهُ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي السَّبَبِ الَّذِي أُنْزِلَتْ فِيهِ الآيَتَانِ اللَّتَانِ أَوَّلَ سُورَةِ الْحُجُرَاتِ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا‏}‏ الآيَةَ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ‏}‏ الآيَةَ

حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ قَدِمَ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللهِ اسْتَعْمِلْهُ عَلَى قَوْمِهِ وَقَالَ عُمَرُ لاَ تَسْتَعْمِلْهُ يَا رَسُولَ اللهِ فَتَكَلَّمَا فِي ذَلِكَ حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ مَا أَرَدْتَ إِلاَّ خِلاَفِي‏؟‏ قَالَ مَا أَرَدْتُ خِلاَفَك قَالَ فَنَزَلَتْ لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ قَالَ فَكَانَ عُمَرُ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا تَكَلَّمَ لَمْ يُسْمِعْ النَّبِيَّ عليه السلام حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ قَالَ وَمَا ذَكَرَ أَبَاهُ وَلاَ جَدَّهُ يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَالزُّبَيْرَ رضي الله عنهما حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ ثنا يَعْقُوبُ بْنُ أَبِي عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ كَادَ الْخَيِّرَانِ أَنْ يَهْلَكَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَفَعَا أَصْوَاتَهُمَا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ رَكْبٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ أَشَارَ أَحَدُهُمَا بِالأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ وَأَشَارَ الآخَرُ بِرَجُلٍ آخَرَ لاَ أَحْفَظُ اسْمَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ مَا أَرَدْت إِلاَّ خِلاَفِي فَقَالَ‏:‏ مَا أَرَدْت خِلاَفَك فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فِي ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ‏}‏ إلَى آخِرِ الآيَةِ‏.‏

حَدَّثَنَا يُوسُفُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ ثنا نَافِعٌ قَالَ قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَمَا كَانَ عُمَرُ يُسْمِعُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الآيَةَ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ ‏{‏لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ‏}‏ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الآيَةَ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي ذَلِكَ هِيَ قَوْلُهُ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللهِ وَرَسُولِهِ‏}‏ الآيَةَ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَخْلَدٍ الأَصْبَهَانِيُّ أَبُو الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إسْرَائِيلَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ فِي تَفْسِيرِ ابْنِ جُرَيْجٍ ‏{‏لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللهِ وَرَسُولِهِ‏}‏ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ قَدِمَ رَكْبٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ عَلَى النَّبِيِّ عليه السلام فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَمِّرْ الْقَعْقَاعَ بْنَ مَعْبَدِ بْنِ زُرَارَةَ وَقَالَ عُمَرُ بَلْ أَمِّرْ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا أَرَدْت إِلاَّ خِلاَفِي فَقَالَ عُمَرُ مَا أَرَدْتُ خِلاَفَك فَتَمَارَيَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فَنَزَلَتْ فِي ذَلِكَ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللهِ وَرَسُولِهِ‏}‏ فَكَانَ مَا فِي الْحَدِيثَيْنِ الأَوَّلَيْنِ أَشْبَهَ بِأَنْ يَكُونَ الآيَةُ الْمَذْكُورَةُ فِيهِمَا هِيَ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِيمَا كَانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فِيهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ شَدَّ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ مِمَّا كَانَ عِنْدَ نُزُولِهَا مِنْ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ الأَنْصَارِيِّ حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ أَبُو سَلَمَةَ الْمُنْقِرِيُّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ ثنا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ‏}‏ قَالَ وَكَانَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ رَفِيعَ الصَّوْتِ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ جَلَسَ فِي بَيْتِهِ وَقَالَ أَنَا الَّذِي كُنْتُ أَرْفَعُ صَوْتِي فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَأَجْهَرُ لَهُ بِالْقَوْلِ حَبِطَ عَمَلِي وَأَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَفَقَدَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ إنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَدَك فَقَالَ أُنْزِلَتْ فِي هَذِهِ الآيَةُ أَنَا الَّذِي كُنْتُ أَرْفَعُ صَوْتِي فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَجْهَرُ لَهُ بِالْقَوْلِ فَحَبِطَ عَمَلِي وَأَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَأَتَى بِهِ الرَّجُلُ فَقَالَ إنَّهُ يَقُولُ كَذَا‏,‏ وَكَذَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَلْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ أَنَسٌ فَكُنَّا نَرَاهُ يَمْشِي بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْيَمَامَةِ كَانَ فِي بَعْضِنَا بَعْضُ الاِنْكِشَافِ فَأَقْبَلَ وَقَدْ تَكَفَّنَ وَتَحَنَّطَ فَقَالَ بِئْسَ مَا عَوَّدْتُمْ أَقْرَانَكُمْ فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ رحمه الله فَأَمَّا نُزُولُ الآيَةِ الآُخْرَى الَّتِي تَلَوْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ فَكَانَ فِيمَا رُوِيَ، عَنْ عَائِشَةَ فِي مَعْنًى سِوَى ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ الآيَةُ الآُخْرَى كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي فِي إمْلاَءِ أَبِي يُوسُفَ عَلَيْهِمْ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ حِبَالِ بْنِ رُفَيْدَةَ عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الأَجْدَعِ قَالَ كُنَّا عِنْدَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ عَرَفَةَ وَالنَّاسُ يَسْأَلُونَ يَرَوْنَ أَنَّهُ يَوْمُ النَّحْرِ فَقَالَتْ لِجَارِيَةٍ لَهَا أَخْرِجِي لِمَسْرُوقٍ سَوِيقًا وَحَلِّيهِ فَلَوْلاَ أَنِّي صَائِمَةٌ لَذُقْتُهُ فَقَالَ لَهَا أَصُمْتِ هَذَا الْيَوْمَ‏,‏ وَهُوَ يُشَكُّ فِيهِ‏؟‏‏,‏ فَقَالَتْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللهِ وَرَسُولِهِ‏}‏ كَانَ قَوْمٌ يَتَقَدَّمُونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّوْمِ وَفِيمَا أَشَبَهَهُ‏,‏ فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو عَلِيٍّ الْمَرُّوذِيُّ ثنا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ السَّلُولِيُّ أَنْبَأَ جَعْفَرٌ الأَحْمَرُ عَنْ يَحْيَى الْجَابِرِ عَنْ حِبَالِ بْنِ رُفَيْدَةَ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّ رَجُلاً صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ رضي الله عنها لاَ تَفْعَلْ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللهِ وَرَسُولِهِ فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا عِنْدَ تَصْحِيحِ مَا رَوَيْنَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَلَوْنَا كَانَ نُزُولُهَا فِي مَعْنًى غَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ فِيهِ نُزُولُ الآيَةِ الآُخْرَى مِنْهُمَا وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ مَعْنًى يَجِبُ أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ‏,‏ وَهُوَ مَا فِي حَدِيثِ بَكَّارَ بْنِ قُتَيْبَةَ الَّذِي رَوَيْنَا مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ لِعُمَرَ مَا أَرَدْت إِلاَّ خِلاَفِي وَمِنْ قَوْلِ عُمَرَ عِنْدَ ذَلِكَ مَا أَرَدْت خِلاَفَك وَمَا فِي حَدِيثِ يُوسُفَ بْنِ يَزِيدَ وَمُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيِّ مَكَانَ ذَلِكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ مَا أَرَدْتَ إِلاَّ خِلاَفِي وَقَوْلُ عُمَرَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ مَا أَرَدْتَ خِلاَفَكَ فَاَلَّذِي فِي حَدِيثِ بَكَّارٍ أَوْلَى عِنْدَنَا وَأَشْبَهُ بِهِمَا لأَنَّ ذَلِكَ سُؤَالٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ لِعُمَرَ مَا الَّذِي أَرَادَ بِهِ خِلاَفَهُ وَاَلَّذِي فِي حَدِيثَيْ يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مَا أَرَدْتَ إِلاَّ خِلاَفِي هُوَ عَلَى سَبِيلِ الْخُصُومَةِ وَالنَّكِيرِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ لِعُمَرَ مَا كَانَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ بَرَّأَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الاِخْتِلاَفِ الَّذِي يُوقِعُ بَيْنَهُمَا الاِخْتِلاَفَ فِي هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ وَطَهَّرَ قُلُوبَهُمَا وَجَعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلِيًّا لِصَاحِبِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ‏;‏ وَلأَنَّهُ لاَ يُخَالِفُ بَاطِنُهَا ظَاهِرَهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ثنا الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قوله تعالى ‏{‏وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ‏}‏ قَالَ لاَ تُنَادُوا نِدَاءً لاَ تَقُولُوا يَا مُحَمَّدُ‏,‏ وَلَكِنْ قُولُوا قَوْلاً لَيِّنًا يَا رَسُولَ اللهِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا فِي تَأْوِيلِ قوله تعالى ‏{‏لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللهِ وَرَسُولِهِ‏}‏ مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَيْضًا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللهِ وَرَسُولِهِ قَالَ لاَ تَفْتَاتُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يُفِيضَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِهِ وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ وَمُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ وَسَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لاَ تَذْبَحُوا حَتَّى يَذْبَحَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ وَقَالَ الْكَلْبِيُّ لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلٍ وَلاَ عَمَلٍ فَاَلَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ الْحَسَنِ وَعَنْ مُجَاهِدٍ فِيهِ تَوْكِيدٌ لِمَا ذَكَرْنَا مِمَّا يُوَافِقُهُ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ إنَّ الشَّيْطَانَ يَعْقِدُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ ثَلاَثَ عُقَدٍ إذَا نَامَ كُلُّ عُقْدَةٍ مِنْهَا يَضْرِبُ مَكَانَهَا عَلَيْك لَيْلٌ طَوِيلٌ فَإِذَا أَصْبَحَ وَلَمْ يُصَلِّ أَصْبَحَ كَسْلاَنَ خَبِيثَ النَّفْسِ

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ ثنا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ وَمَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إذَا نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ كُلُّ عُقْدَةٍ يَضْرِبُ مَكَانَهَا عَلَيْك لَيْلٌ طَوِيلٌ اُرْقُدْ فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَإِنْ ذَكَرَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ‏,‏ وَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ وَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ وَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ لِلشَّيْطَانِ عِنْدَ رَأْسِ أَحَدِكُمْ حَبْلاً فِيهِ ثَلاَثُ عُقَدٍ فَإِذَا اسْتَيْقَظَ وَوَحَّدَ اللَّهَ حُلَّتْ عُقْدَةٌ وَإِنْ قَامَ وَتَوَضَّأَ حُلَّتْ عُقْدَةٌ أُخْرَى فَإِذَا هُوَ صَلَّى حُلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا وَأَصْبَحَ خَفِيفًا طَيِّبَ النَّفْسِ‏,‏ وَإِنْ هُوَ نَامَ حَتَّى يُصْبِحَ أَصْبَحَ عَلَيْهِ عُقَدٌ وَأَصْبَحَ‏,‏ وَهُوَ ثَقِيلٌ خَبِيثَ النَّفْسِ فَقَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَكَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْهُ النَّهْيَ عَنْ وَصْفِ النَّفْسِ بِالْخُبْثِ وَأَمْرَهُ أَنْ يَقُولَ، مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَقُولَ خَبُثَتْ نَفْسِي، لَقِسَتْ نَفْسِي مَكَانَ خَبُثَتْ نَفْسِي وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي وَلْيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِي وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ أَيْضًا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لاَ يَقُولُ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي وَلْيَقُلْ لَقِسَتْ نَفْسِي وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَلَمْ يَقُلْ، عَنْ أَبِيهِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ وَصْفَ النَّفْسِ بِالْخُبْثِ وَصْفٌ لَهَا بِالْفِسْقِ وَمِنْهُ قوله تعالى ‏{‏الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ‏}‏ فَكَانَ مَكْرُوهًا لِلرَّجُلِ أَنْ يُفَسِّقُ نَفْسَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا مَا يُوجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَكَانَ مَحْبُوبًا لَهُ أَنْ يَقُولَ مَكَانَ ذَلِكَ لَقِسَتْ نَفْسِي‏,‏ وَإِنَّ مَعْنَاهُمَا مَعْنًى وَاحِدٌ‏,‏ وَهُوَ الشَّرَاسَةُ وَشِدَّةُ الْخُلُقِ كَذَلِكَ مَعْنَاهُمَا عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَمِمَّنْ حَكَى ذَلِكَ عَنْهُ مِنْهُمْ أَبُو عُبَيْدٍ حَكَى ذَلِكَ لَنَا عَنْهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَالَ فِيمَا حَكَاهُ لَنَا عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ رضي الله عنه فِي صِفَةِ الزُّبَيْرِ إنَّهُ وَعْقَةٌ لَقِسٌ يَعْنِي هَذَا الْمَعْنَى وَلَمَّا كَانَ مَعْنَى الْخَبِيثِ وَمَعْنَى اللَّقِسِ الَّذِي ذَكَرْنَا وَاحِدًا كَانَ أَوْلاَهُمَا بِمَنْ يُرِيدُ وَصْفَ نَفْسِهِ بِالْمَعْنَى الَّذِي يَرْجِعَانِ إلَيْهِ أَحْسَنَهُمَا‏,‏ وَهُوَ مَا أَمَرَهُ النَّبِيُّ عليه السلام بِهِ فِي حَدِيثَيْ عَائِشَةَ وَسَهْلٍ حَتَّى يَكُونَ مِنْ نَفْسِهِ مَا يَسْتَحِقُّ لَهُ أَنْ يُوصَفَ بِالْخُبْثِ مِنْ تَرْكِهَا الصَّلاَةَ وَإِنْشَائِهَا وَاخْتِيَارِهَا النَّوْمَ عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ ذَلِكَ فِسْقًا مِنْهَا وَتَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ أَنْ تُوصَفَ بِالْخُبْثِ الَّذِي مَعْنَاهُ بِهَذَا الْفِسْقِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي قَدْ رَوَيْنَا فَقَدْ بَانَ بِحَمْدِ اللهِ أَنَّ كُلَّ مَعْنًى مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَاتِ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِلْمَعْنَى الآخَرِ الْمَذْكُورِ فِيهَا وَلاَ مُضَادَّ لَهُ‏,‏ وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُ مَا قَدْ انْصَرَفَ إلَى مَعْنًى مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ غَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي انْصَرَفَ إلَى الْحَدِيثِ الآخَرِ مِنْهُمَا مَعَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِإِسْنَادٍ مَحْمُودٍ أَنَّهُ قَالَ وَإِذَا أَصْبَحَ وَلَمْ يُصَلِّ أَصْبَحَ لَقِسَ النَّفْسِ وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبِ بْنِ سَعِيدٍ الأَزْدِيُّ ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَهْمِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْبَيْطَرِيِّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثَيْ الرَّبِيعِ وَفَهْدٍ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ يَعْنِي لَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَلَمْ يُصَلِّ أَصْبَحَ لَقِسَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ فَقَدْ ذَكَرَ هَذَا مَا ذَكَرْنَا وَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى خَبِيثِ النَّفْسِ أَنَّهُ لَقِسُ النَّفْسِ غَيْرَ أَنَّ الأَوْلَى بِوَصْفِ الرَّجُلِ نَفْسَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا اخْتِيَارٌ لِلآُمُورِ الْمَذْمُومَةِ وَمَعَهَا الشَّرَاسَةُ وَشِدَّةُ الْخُلُقِ بِمَا فِي حَدِيثَيْ عَائِشَةَ وَسَهْلٍ فَإِذَا كَانَ مَعَهَا الاِخْتِيَارُ لِلآُمُورِ الْمَذْمُومَةِ جَازَ لَهُ وَصْفُهَا بِمَا فِي حَدِيثَيْ الأَعْرَجِ وَأَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِمَّا فِي حَدِيثِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَصِفُهَا بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا كَانَ مِنْهُ فِي هَدِيَّتِهِ إلَى النَّجَاشِيِّ وَمِنْ وَعْدِهِ بِهَا أُمَّ سَلَمَةَ إنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ بِمَوْتِ النَّجَاشِيِّ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ وَمِنْ إعْطَائِهِ بَعْدَ رُجُوعِهَا إلَيْهِ أُمَّ سَلَمَةَ بَعْضَهَا وَسَائِرَ نِسَائِهِ سِوَاهَا بَقِيَّتَهَا

حَدَّثَنَا يُونُسُ ثنا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ وَحَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ ابْنَةِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَتْ لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُمَّ سَلَمَةَ قَالَ لَهَا إنِّي قَدْ أَهْدَيْتُ إلَى النَّجَاشِيِّ أَوَاقِيَّ مِنْ مِسْكٍ وَحُلَّةً وَإِنِّي لاَ أَرَاهُ إِلاَّ قَدْ مَاتَ وَلاَ أَرَى الْهَدِيَّةَ الَّتِي أَهْدَيْتُ إلَيْهِ إِلاَّ سَتُرَدُّ إلَيَّ فَإِذَا رُدَّتْ إلَيَّ فَهُوَ لَكِ فَكَانَ كَمَا قَالَ هَلَكَ النَّجَاشِيُّ فَلَمَّا رُدَّتْ الْهَدِيَّةُ أَعْطَى كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ وُقِيَّةً مِنْ ذَلِكَ الْمِسْكِ وَأَعْطَى الْبَاقِيَ أُمَّ سَلَمَةَ وَأَعْطَاهَا الْحُلَّةَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ ثنا أَسَدٌ ثنا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ فَذَكَرَ مِثْلَهُ فَأَنْكَرَ مُنْكِرٌ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالَ مَا فِيهِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّجَاشِيِّ ‏"‏ لاَ أَرَاهُ إِلاَّ قَدْ مَاتَ ‏"‏ قَدْ دَفَعَهُ مَا كَانَ مِنْ إخْبَارِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ بِمَوْتِهِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ مَوْتُهُ فِيهِ وَصَلاَتِهِ لَهُمْ عَلَيْهِ وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ ثنا ابْنُ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْت جَابِرًا يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ عليه السلام قَدْ تُوُفِّيَ الْيَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ مِنْ الْحَبَشِ أَصْحَمَةُ فَهَلُمَّ فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَيْهِ قَالَ‏:‏ فَصَفَفْنَا فَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ عليه السلام

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ أَصْحَمَةُ لَفْظَةٌ بِالْحَبَشِيَّةِ تَفْسِيرهَا عَطِيَّةٌ‏,‏ وَهِيَ اسْمُ هَذَا الرَّجُلِ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَعَى لِلنَّاسِ النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ خَرَجَ بِهِمْ إلَى الْمُصَلَّى فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ ثنا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ وَأَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا هُرَيْرَةَ وَلاَ غَيْرَهُ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَعَى لَهُمْ النَّجَاشِيَّ صَاحِبَ الْحَبَشَةِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَقَالَ اسْتَغْفِرُوا لأَخِيكُمْ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَفَّ بِهِمْ بِالْمُصَلَّى وَكَبَّرَ عَلَيْهِ يَعْنِي النَّجَاشِيَّ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ‏.‏

فَفِي ذَلِكَ وُقُوفُهُ عَلَى مَوْتِ النَّجَاشِيِّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ مَوْتُهُ فِيهِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لِ مَا قَدْ وَقَفَ عَلَى حَقِيقَتِهِ لاَ أَرَاهُ إِلاَّ قَدْ كَانَ قَالَ وَيَدْفَعُهُ أَيْضًا مَا قَدْ ذُكِرَ فِيهِ مِنْ وَعْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُمَّ سَلَمَةَ بِالْهَدِيَّةِ إنْ رُدَّتْ إلَيْهِ‏,‏ وَأَنَّهُ لَمَّا رُدَّتْ إلَيْهِ أَعْطَاهَا بَعْضَهَا وَمَنَعَهَا مِنْ بَقِيَّتِهَا وَفِي ذَلِكَ خُلْفُهُ بَعْضَ مَا وَعَدَهَا بِهِ وَحَاشَ لِلَّهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ أَخْلاَقِهِ‏;‏ لأَنَّ مَوَاعِيدَهُ عليه السلام قَدْ كَانَتْ تَجْرِي بِخِلاَفِ ذَلِكَ حَتَّى كَانَ أَبُو بَكْرٍ يُنْجِزُهَا عَنْهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ عَنْهُ عليه السلام‏.‏

فَ مِمَّا قَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَقِيلٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَوْ قَدْ جَاءَنَا مَالُ الْبَحْرَيْنِ لاََعْطَيْتُك هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا فَلَمْ يَأْتِ مَالُ الْبَحْرَيْنِ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا قَدِمَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَيْنٌ أَوْ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنَا قَالَ جَابِرٌ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْت إنَّ النَّبِيَّ عليه السلام وَعَدَنِي أَنْ يُعْطِيَنِي هَكَذَا فَأَعْطَانِي أَبُو بَكْرٍ‏,‏ ثُمَّ أَتَيْتُهُ بَعْدُ أَسْأَلُهُ فَلَمْ يُعْطِنِي‏,‏ ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَسَأَلْتُهُ فَلَمْ يُعْطِنِي‏,‏ ثُمَّ أَتَيْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقُلْت قَدْ سَأَلْتُك فَلَمْ تُعْطِنِي‏,‏ ثُمَّ سَأَلْتُك فَلَمْ تُعْطِنِي فَإِمَّا أَنْ تُعْطِيَنِي وَإِمَّا أَنْ تَبْخَلَ عَنِّي قَالَ‏:‏ وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنْ الْبُخْلِ‏؟‏ مَا مَنَعْتُكَ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَكَ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَقِيلٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرٍ مِثْلَهُ قَالَ وَحَثَا لِي حَثْيَةً‏,‏ ثُمَّ قَالَ‏:‏ عُدَّهَا فَعَدَدْتُهَا فَوَجَدَ بِهَا خَمْسَ مِائَةٍ قَالَ خُذْ مِثْلَهَا مَرَّتَيْنِ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَنْبَأَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ عَمْرٌو وَكَانَ لَهُ أَوَّلُ مَالٍ أَتَاهُ مِنْ قِبَلِ الْعَلاَءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَيْنٌ أَوْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَهُ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنَا قَالَ جَابِرٌ فَقُلْت أَنَا وَعَدَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَبَسَطَ جَابِرٌ كَفَّيْهِ فَعَدَّ لِي أَبُو بَكْرٍ خَمْسَ مِائَةٍ وَخَمْسَ مِائَةٍ وَخَمْسَ مِائَةٍ قَالَ هَذَا الْمُنْكِرُ وَإِذَا كَانَتْ مَوَاعِيدُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَيَاتِهِ وَاجِبًا عَلَى وَلِيِّ أَمْرِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ إمْضَاؤُهَا كَانَ هُوَ عَلَيْهِ عليه السلام بِذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ أَوْلَى فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ إخْبَارِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ بِحَقِيقَةِ مَوْتِ النَّجَاشِيِّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ مَوْتُهُ فِيهِ كَمَا ذُكِرَ‏.‏

غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمَّا تَأَخَّرَ عَنْهُ أَمْرُ هَدِيَّتِهِ وَانْقَطَعَتْ عَنْهُ أَخْبَارُ النَّجَاشِيِّ فِيهَا وَقَعَ بِقَلْبِهِ عِنْدَ ذَلِكَ مَا يَقَعُ مِثْلُهُ فِي قُلُوبِ مَنْ سِوَاهُ مِنْ بَنِي آدَمَ فِي مَا قَدْ كَانَ مِمَّا قَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِخِلاَفِهِ مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ‏,‏ ثُمَّ لَمَّا أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَى حَقِيقَةِ مَوْتِ النَّجَاشِيِّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي كَانَتْ وَفَاتُهُ فِيهِ كَانَ مِنْهُ مَا أَخْبَرَ النَّاسَ بِهِ مِمَّا ذُكِرَ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهُ عليه السلام فِي إعْطَائِهِ أُمَّ سَلَمَةَ بَعْضَ الْهَدِيَّةِ الَّتِي رُدَّتْ إلَيْهِ وَإِعْطَائِهِ بَقِيَّتَهَا مَنْ سِوَاهَا مِنْ أَزْوَاجِهِ بَعْدَ تَقَدُّمِ وَعْدِهِ إيَّاهَا بِهَا كُلِّهَا‏,‏ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْهَدِيَّةُ لَمَّا رُدَّتْ إلَيْهِ بَذَلَهَا لِأُمِّ سَلَمَةَ كَمَا كَانَ وَعَدَهَا بِهَا ثُمَّ لَمْ تَقْبَلْهَا إِلاَّ بِإِدْخَالِهِ بَقِيَّةَ نِسَائِهِ مَعَهَا فِيهَا كَرَاهِيَةَ اسْتِئْثَارِهَا عَلَيْهِنَّ كَمَا كَانَ مِنْ الأَنْصَارِ لَمَّا دَعَاهُمْ لِيَقْطَعَ لَهُمْ مِنْ الْبَحْرَيْنِ مَا أَرَادَ أَنْ يَقْطَعَهُ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا لاَ نَفْعَلْ حَتَّى تَقْطَعَ لِإِخْوَانِنَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ مِثْلَ الَّذِي قَطَعْتَهُ لَنَا مِنْ ذَلِكَ كَرَاهِيَةَ الاِسْتِئْثَارِ عَلَيْهِمْ مِمَّا قَالَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَهُمْ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا هُوَ أَوْلَى بِذَلِكَ بِهِ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ فَكَانَ مَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرِ أُمِّ سَلَمَةَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ أَوْجَبَ لَهَا جَلاَلَةَ الرُّتْبَةِ وَحُسْنَ الصُّحْبَةِ لِصَوَاحِبَاتِهَا مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ عليه السلام‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏ثُلَّةٌ مِنْ الأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنْ الآخِرِينَ‏}‏ وَفِي قوله تعالى ‏{‏ثُلَّةٌ مِنْ الأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنْ الآخِرِينَ‏}‏‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ ‏{‏ثُلَّةٌ مِنْ الأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنْ الآخِرِينَ‏}‏ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَنَزَلَتْ ثُلَّةٌ مِنْ الأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنْ الآخِرِينَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنِّي لاََرْجُو أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَتُقَاسِمُوهُمْ النِّصْفَ الْبَاقِيَ‏.‏

فَتَأَمَّلْنَا هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ فَوَجَدْنَا الآُولَى مِنْهُ مَا قَدْ تَقَدَّمَهَا قوله تعالى ‏{‏وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاَثَةً فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ‏}‏ فَجَعَلَ الْمُقَرَّبِينَ أَعْلاَهُمْ رُتْبَةً وَأَشْرَفَهُمْ مَنْزِلَةً وَوَصَفَهُمْ بِالسَّبْقِ‏,‏ ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ ثُلَّةٌ مِنْ الأَوَّلِينَ كَأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَعْنِي مِمَّنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنْ الآُمَمِ وَقَلِيلٌ مِنْ الآخِرِينَ وَوَجَدْنَا الثَّانِيَةَ مِنْهُ مَا قَدْ تَقَدَّمَهَا قوله تعالى ‏{‏إنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إنْشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا لأَصْحَابِ الْيَمِينِ ثُلَّةٌ مِنْ الأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنْ الآخِرِينَ‏}‏ وَكَانَ الَّذِي فِي الآُولَى فَمِنْ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَلِيلٌ مِنْ الآخِرِينَ‏}‏ عَلَى الْمُقَرَّبِينَ وَاَلَّذِي سَبَقَ فِي الآيَةِ الثَّانِيَةِ فَمِنْ قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَثُلَّةٌ مِنْ الآخِرِينَ‏}‏ عَلَى أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَهُمْ غَيْرُ الْمُقَرَّبِينَ وَوَجَدْنَاهُ تَعَالَى قَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي آخِرِ السُّورَةِ الَّتِي فِيهَا هَاتَانِ الآيَتَانِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ‏{‏فَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ فَسَلاَمٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ‏}‏ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْمُقَرَّبِينَ هُمْ غَيْرُ أَصْحَابِ الْيَمِينِ‏,‏ وَأَنَّهُمْ أَعْلَى الثَّلاَثِ الْفِرَقِ رُتْبَةً وَأَعْلاَهُمْ مَنْزِلَةً‏,‏ وَأَنَّهُمْ فِي الْعَدَدِ أَقَلُّ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَهُمْ الْمَذْكُورُونَ فِي الآيَةِ الآُولَى مِنْ الآيَتَيْنِ الآُولَيَيْنِ‏,‏ وَأَنَّ الْمَذْكُورِينَ فِي الآيَةِ الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا هُمْ أَصْحَابُ الْيَمِينِ وَكَانَ الزَّوْجَانِ جَمِيعًا الْمُقَرَّبُونَ وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ هُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلاَّ أَنَّ الْمُقَرَّبِينَ مِنْهُمْ أَعْلَى فِيهَا رُتْبَةً وَأَشْرَفُ فِيهَا مَنْزِلَةً مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ‏.‏

وَدَلَّنَا ذَلِكَ أَنَّ فَرَحَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالآيَةِ الثَّانِيَةِ كَانَ لِمَا عَلِمُوا بِهَا أَنَّ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ سِوَى الْمُقَرَّبِينَ مِنْهُمْ أَصْحَابَ الْيَمِينِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ‏.‏

ثُمَّ طَلَبْنَا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أُمَّتِهِ الَّتِي تَدْخُلُ الْجَنَّةَ كَمْ هُوَ مِمَّنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ سِوَاهَا‏.‏

فَوَجَدْنَا يَزِيدَ بْنَ سِنَانٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ التَّنُّورِيُّ ثنا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ تَحَدَّثْنَا عِنْدَ نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً حَتَّى أَكْرَيْنَا الْحَدِيثَ ثُمَّ رَجَعْنَا إلَى أَهْلِينَا فَلَمَّا أَصْبَحْنَا غَدَوْنَا إلَى النَّبِيِّ عليه السلام فَقَالَ عُرِضَتْ عَلَيَّ الأَنْبِيَاءُ بِأُمِّهَا وَأَتْبَاعِهَا مِنْ أُمَّتِهَا فَجَعَلَ النَّبِيُّ يَمُرُّ وَمَعَهُ الثَّلاَثَةُ مِنْ أُمَّتِهِ وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الْعِصَابَةُ مِنْ أُمَّتِهِ وَالنَّبِيُّ مَعَهُ النَّفَرُ مِنْ أُمَّتِهِ وَالنَّبِيُّ وَمَا مَعَهُ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِهِ حَتَّى مَرَّ عَلَيَّ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ فِي كَبْكَبَةٍ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ أَعْجَبُونِي فَقُلْت‏:‏ يَا رَبِّ مَنْ هَؤُلاَءِ قَالَ هَذَا أَخُوك مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ فَقُلْت يَا رَبِّ فَأَيْنَ أُمَّتِي قَالَ اُنْظُرْ عَنْ يَمِينِك فَنَظَرْتُ فَإِذَا الظِّرَابُ ظِرَابُ مَكَّةَ تَهَوَّشُ قَدْ سُدَّ بِوُجُوهِ الرِّجَالِ قَالَ رَضِيتَ‏؟‏ قُلْت رَبِّ رَضِيتُ‏,‏ مَنْ هَؤُلاَءِ‏؟‏ قَالَ هَؤُلاَءِ أُمَّتُك أَفَرَضِيت‏؟‏ قُلْتُ رَضِيتُ رَبِّ‏.‏

ثُمَّ قَالَ اُنْظُرْ عَنْ يَسَارِك فَنَظَرْت فَإِذَا الآُفُقُ قَدْ سُدَّ بِوُجُوهِ الرِّجَالِ قَالَ رَضِيتَ‏؟‏ قُلْت رَبِّ رَضِيتُ قَالَ فَإِنَّ مَعَ هَؤُلاَءِ سَبْعِينَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ فَأَنْشَأَ عُكَاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ أَخِي بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللهِ اُدْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ‏:‏ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ ثُمَّ أَنْشَأَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ‏:‏ يَا نَبِيَّ اللهِ اُدْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ سَبَقَك بِهَا عُكَاشَةُ‏.‏

قَالَ وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إنْ اسْتَطَعْتُمْ فِدًى لَكُمْ أَبِي وَأُمِّي أَنْ تَكُونُوا مِنْ السَّبْعِينَ فَافْعَلُوا فَإِنْ عَجَزْتُمْ وَقَصَّرْتُمْ فَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الظِّرَابِ فَإِنْ عَجَزْتُمْ وَقَصَّرْتُمْ فَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الآُفُقِ فَإِنِّي قَدْ رَأَيْت عِنْدَهُ نَاسًا يَتَهَوَّشُونَ كَثِيرًا وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ رِجَالاً مِنْ الْمُؤْمِنِينَ تَرَاجَعُوا فِيهِمْ فَقَالُوا‏:‏ مَا تَرَوْنَ عَمِلَ هَؤُلاَءِ السَّبْعُونَ أَلْفًا حَتَّى صَيَّرُوا مِنْ أَمْرِهِمْ فَقَالُوا‏:‏ هَؤُلاَءِ وُلِدُوا فِي الإِسْلاَمِ فَلَمْ يَزَالُوا يَعْمَلُونَ بِهِ حَتَّى مَاتُوا قَالَ لَيْسَ كَذَلِكَ‏,‏ وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ لاَ يَكْتَوُونَ وَلاَ يَسْتَرِقُّونَ وَلاَ يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ قَالَ وَذَكَرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إنِّي لاََرْجُو أَنْ يَكُونَ مَعِي مِنْ أُمَّتِي رُبْعُ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَكَبَّرْنَا‏,‏ ثُمَّ قَالَ إنِّي لاََرْجُو أَنْ تَكُونُوا الثُّلُثَ فَكَبَّرْنَا‏,‏ ثُمَّ قَالَ إنِّي لاََرْجُو أَنْ تَكُونُوا الشَّطْرَ فَكَبَّرْنَا‏,‏ ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ ‏{‏ثُلَّةٌ مِنْ الأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنْ الآخِرِينَ‏}‏ وَوَجَدْنَا يَزِيدَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ مُوسَى الْعَمِّيُّ ثنا أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ وَالْعَلاَءِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ عِمْرَانَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ تَحَدَّثْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ عِنْدَ قَوْلِهِ فَإِذَا النَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ وَقَدْ أَنْبَأَكُمْ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ قَوْمِ لُوطٍ يَعْنِي فِيمَا كَانَ قَالَهُ لَهُمْ أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ وَوَجَدْنَا أَبَا أُمَيَّةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى أَنْبَأَ إسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ أَسْنَدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ظَهْرَهُ إلَى قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ بِمِنًى‏,‏ ثُمَّ قَالَ لأَصْحَابِهِ أَلاَ تَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ‏؟‏ قَالُوا بَلَى قَالَ أَلاَ تَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ‏؟‏ قَالُوا بَلَى قَالَ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنِّي لاََرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَسَأُحَدِّثُكُمْ بِقِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْكُفَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِثْلُ شَعْرَةٍ سَوْدَاءَ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَبْيَضَ أَوْ شَعْرَةٍ بَيْضَاءَ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَسْوَدَ وَلَنْ تَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي قُبَّةٍ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِينَ فَقَالَ لَنَا أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْنَا نَعَمْ فَوَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إنِّي لاََرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْجَنَّةَ لاَ يَدْخُلُهَا إِلاَّ نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ وَمَا أَنْتُمْ فِي الشِّرْكِ إِلاَّ كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ أَوْ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَحْمَرِ‏.‏

وَوَجَدْنَا إبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللهِ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ فَقَالَ أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَقُلْنَا نَعَمْ قَالَ أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْنَا نَعَمْ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ مُوسَى وَحَكِيمُ بْنُ سَيْفٍ قَالاَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ قَالَ سَمِعْت ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ خَرَجَ إلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فَأَسْنَدَ ظَهْرَهُ إلَى قُبَّةِ أَدَمٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ‏,‏ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبْعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَقُلْنَا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ أَوَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ‏؟‏ فَقُلْنَا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنِّي لاََرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَلاَ إنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ أَلاَ وَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْقِلَّةِ مِثْلُ الشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي الثَّوْرِ الأَسْوَدِ وَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي الثَّوْرِ الأَبْيَضِ وَوَجَدْنَا صَالِحَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ الْكُوفِيُّ ثنا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبْعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَكَبَّرَ النَّاسُ فَقَالَ أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَكَبَّرَ النَّاسُ فَقَالَ أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ مَا الْمُسْلِمُونَ فِي الْكُفَّارِ إِلاَّ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي الثَّوْرِ الأَبْيَضِ أَوْ كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي الثَّوْرِ الأَسْوَدِ‏,‏ ثُمَّ وَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى قَدْ زَادَهُ عَلَى مَا رَجَا مِنْ ذَلِكَ فَجَعَلَ أُمَّتَهُ ثُلُثَيْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ حَصِيرَةَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ‏:‏ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ كَيْفَ أَنْتُمْ وَرُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَكُمْ رُبُعُهَا وَلِسَائِرِ النَّاسِ ثَلاَثَةُ أَرْبَاعِهَا‏؟‏ قَالُوا‏:‏ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ‏.‏

قَالَ‏:‏ فَكَيْفَ أَنْتُمْ وَثُلُثَهَا‏؟‏ فَقَالُوا‏:‏ فَذَلِكَ أَكْبَرُ‏,‏ قَالَ‏:‏ فَكَيْفَ أَنْتُمْ وَالشَّطْرَ‏؟‏ قَالُوا‏:‏ ذَلِكَ أَكْبَرُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ أَهْلُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ أَنْتُمْ مِنْهُمْ ثَمَانُونَ صَفًّا وَكَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ أَيْضًا حَدَّثَنَا عَفَّانَ ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ الْقَسْمَلِيُّ ثنا أَبُو سِنَانٍ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلُ الْجَنَّةِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ صَفًّا هَذِهِ الآُمَّةُ مِنْهَا ثَمَانُونَ صَفًّا فَإِلَى هَذَا تَنَاهَى مَا وَقَفْنَا عَلَيْهِ مِمَّا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْبَابِ مِمَّا شَرَّفَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ نَبِيَّهُ فِي أُمَّتِهِ وَأَعْطَاهُ مِمَّا لَمْ يُعْطِهِ غَيْرَهُ مِنْ أَنْبِيَائِهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ‏{‏وَلاَ تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ‏}‏ وَفِي قَوْلِهِ ‏{‏وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ‏}

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ الْحَفْرِيُّ ثنا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ عَنْ السُّدِّيِّ عَنْ أَبِي الْكَنُودِ عَنْ خَبَّابٍ وَلاَ تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ الآيَةَ قَالَ جَاءَ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ فَوَجَدُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَعَ بِلاَلٍ وَعَمَّارٍ وَصُهَيْبٍ وَخَبَّابٍ فِي أُنَاسٍ مِنْ الضُّعَفَاءِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمَّا رَأَوْهُمْ حَوْلَهُ حَقَرُوهُمْ فَأَتَوْهُ فَخَلَوْا بِهِ فَقَالُوا لَهُ‏:‏ إنَّا نُحِبُّ أَنْ تَجْعَلَ لَنَا مِنْكَ مَجْلِسًا تَعْرِفُ لَنَا بِهِ الْعَرَبُ فَضْلَنَا‏,‏ وَإِنَّ وُفُودَ الْعَرَبِ تَأْتِيك فَنَسْتَحْيِي أَنْ تَرَانَا قُعُودًا مَعَ هَذِهِ الأَعْبُدِ فَإِذَا نَحْنُ جِئْنَاك فَأَقِمْهُمْ عَنَّا فَإِذَا نَحْنُ فَرَغْنَا فَاقْعُدْ مَعَهُمْ إنْ شِئْت‏,‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ‏,‏ قَالُوا‏:‏ فَاكْتُبْ لَنَا عَلَيْك كِتَابًا‏,‏ فَدَعَا بِالصَّحِيفَةِ لِيَكْتُبَ لَهُمْ‏,‏ وَدَعَا عَلِيًّا لِيَكْتُبَ فَلَمَّا أَرَادَ ذَلِكَ وَنَحْنُ قُعُودٌ فِي نَاحِيَةٍ نَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَالَ‏:‏ وَلاَ تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ الآيَةَ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ الأَقْرَعَ وَصَاحِبَهُ فَقَالَ وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاَءِ الآيَةَ ثُمَّ ذَكَرَ فَقَالَ وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا إلَى الرَّحْمَةَ فَرَمَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالصَّحِيفَةِ وَدَعَانَا فَأَتَيْنَاهُ‏,‏ وَهُوَ يَقُولُ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ فَدَنَوْنَا مِنْهُ فَوَضَعْنَا رُكَبَنَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَكَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ قَامَ وَتَرَكَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ‏{‏وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ‏}‏ الآيَةَ يَقُولُ مَجَالِسَ الأَشْرَافِ ‏{‏وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ‏}‏ الآيَةَ أَمَّا الَّذِي أَغْفَلَ قَلْبَهُ فَهُوَ عُيَيْنَةُ وَالأَقْرَعُ وَأَمَّا فُرُطًا فَهَلاَكًا‏,‏ ثُمَّ ضَرَبَ لَهُمْ مَثَلَ رَجُلَيْنِ وَمَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ نَقْعُدُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا بَلَغْنَا السَّاعَةَ الَّتِي يَقُومُ فِيهَا قُمْنَا وَتَرَكْنَاهُ حَتَّى يَقُومَ وَإِلَّا صَبَرَ أَبَدًا حَتَّى نَقُومَ فَتَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ ذِكْرِ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَانَ سُؤَالُ الأَقْرَعِ وَعُيَيْنَةَ فِيهِمْ مَا سَأَلاَ وَفِيمَا أُنْزِلَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مِنْ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَطْرُدْ الَّذِينَ‏}‏‏.‏

الآيَةُ وَمِنْ قَوْلِهِ ‏{‏وَاصْبِرْ نَفْسَكَ‏}‏ الآيَةَ هَلْ هُمَا خَاصَّتَانِ فِي النَّفَرِ الْمَذْكُورِينَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَمْ هُمَا عَلَى مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِمَا مِنْهُمْ هَؤُلاَءِ النَّفَرُ الْمَذْكُورُونَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَوَجَدْنَا يَزِيدَ بْنَ سِنَانٍ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَنْبَأَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ أَخْبَرَنِي ابْنُ عَجْلاَنَ عَنْ نَافِعٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ عُمَرَ فِي هَذِهِ الآيَةِ ‏{‏وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ‏}‏ أَنَّهُمْ الَّذِينَ شَهِدُوا الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ وحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلاَنَ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَعَقَلْنَا أَنَّ الْمُرَادَيْنِ فِي الآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَلَوْنَا أَنَّهُمْ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ‏,‏ وَأَنَّهُمَا لَيْسَتَا بِخَاصَّتَيْنِ لِلنَّفَرِ الْمَذْكُورِينَ فِي حَدِيثِ خَبَّابٍ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ النَّاسِ‏,‏ وَأَنَّهُمَا عَلَى النَّفَرِ الْمَوْصُوفِينَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ‏,‏ وَأَنَّ مِنْهُمْ النَّفَرَ الْمَذْكُورِينَ فِي حَدِيثِ خَبَّابٍ وَأَمْثَالَهُمْ مِمَّنْ كَانَ يَشْهَدُ مَا يَشْهَدُونَ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَهْيِهِ رَدِيفَهُ عِنْدَ عُثُورِ جَمَلِهِ أَوْ حِمَارِهِ أَنْ يَقُولَ تَعِسَ الشَّيْطَانُ

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ عليه السلام فَعَثَرَ بَعِيرِي فَقُلْتُ‏:‏ تَعِسَ الشَّيْطَانُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لاَ تَقُلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ فَإِنَّهُ يَعْظُمُ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الْبَيْتِ وَيَقُولُ بِقُوَّتِي صَرَعْتُهُ‏,‏ وَلَكِنْ قُلْ بِسْمِ اللهِ فَإِنَّهُ يَصْغُرُ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الذُّبَابَةِ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ عَنْ رِدْفِ النَّبِيِّ عليه السلام حَدَّثَنَاهُ مَرَّةً هَكَذَا وَحَدَّثَنَا بِهِ مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ فِيهِ أَوْ مِنْ حَدَّثَنِي بِهِ عَنْ رِدْفِ النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ عَثَرَ حِمَارٌ فَقَالَ‏:‏ تَعِسَ الشَّيْطَانُ فَقَالَ‏:‏ لاَ تَقُلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ‏,‏ وَلَكِنْ قُلْ بِسْمِ اللهِ فَإِنَّك إذَا قُلْت تَعِسَ الشَّيْطَانُ يَعْظُمُ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ فَيَقُولُ‏:‏ بِقُوَّتِي صَرَعْته وَإِذَا قُلْت‏:‏ بِسْمِ اللهِ تَصَاغَرَ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ الذُّبَابِ فَكَانَ فِيمَا رَوَيْنَا نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَدِيفَهُ عِنْدَ عُثُورِ جَمَلِهِ أَوْ حِمَارِهِ عَنْ قَوْلِهِ تَعِسَ الشَّيْطَانُ وَإِخْبَارُهُ إيَّاهُ عِنْدَ ذَلِكَ بِمَا يَكُونُ مِنْ الشَّيْطَانِ بِسَبَبِ هَذَا الْقَوْلِ عِنْدَ هَذِهِ الْحَادِثَةِ فَقَالَ قَائِلٌ فَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْهُ عليه السلام مِنْ قَوْلِهِ لِعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ لَمَّا ذُكِرَ لَهُ أَنَّ الشَّيْطَانَ يُلَبِّسُ عَلَيْهِ قِرَاءَتَهُ وَصَلاَتَهُ أَنْ يخسأه وَذَلِكَ مُثْبِتٌ مِنْهُ لَهُ وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْوَاسِطِيُّ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ‏:‏ قُلْت يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِينِي فَيُلَبِّسُ عَلَيَّ قِرَاءَتِي قَالَ‏:‏ ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خَنْزَبٌ فَإِذَا أَتَاك فَاخْسَأْهُ فَفَعَلْت فَذَهَبَ عَنِّي حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إيَاسٍ الْجَرِيرِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ عُثْمَانَ وَلَمْ يَذْكُرْ مُطَرِّفًا قَالَ قُلْت‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ حَالَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلاَتِي وَقِرَاءَتِي قَالَ ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خَنْزَبٌ فَإِذَا حَسَسْته فَتَعَوَّذْ بِاَللَّهِ وَاتْفُلْ عَنْ يَسَارِك ثَلاَثًا فَقَالَ هَذَا الْمُعَارِضُ فَهَلْ تَجِدُونَ وَجْهًا يُخَرِّجُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ مَعْنًى غَيْرَ مَعْنَى الآخَرِ حَتَّى يَنْتَفِيَ عَنْهُمَا التَّضَادُّ وَالاِخْتِلاَفُ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ سُلْطَانَ الشَّيْطَانِ عَلَى بَنِي آدَمَ هُوَ وَسْوَسَتُهُ إيَّاهُمْ وَإِيقَاعُهُ فِي قُلُوبِهِمْ مَا لاَ يُحِبُّونَ وَإِنْسَاؤُهُ إيَّاهُمْ مَا يَذْكُرُونَ وَمِنْ ذَلِكَ قوله تعالى حِكَايَةً عَنْ صَاحِبِ مُوسَى عليه السلام ‏{‏فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ‏}‏ وقوله تعالى ‏{‏فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ‏}‏ فِي قِصَّةِ نَبِيِّهِ يُوسُفَ عليه السلام وَأَشْيَاءُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ وَلَمْ يُجْعَلْ لَهُ سُلْطَانٌ فِي إعْثَارِ دَوَابِّهِمْ وَلاَ فِي اسْتِهْلاَكِ أَمْوَالِهِمْ وَأُمِرُوا عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَعِيذُوا بِاَللَّهِ تَعَالَى مِنْهُ فَمِنْ ذَلِكَ قوله تعالى ‏{‏فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ‏}‏‏.‏

فَلَمَّا كَانَ مِنْ رِدْفِ النَّبِيِّ عليه السلام عِنْدَ عُثُورِ جَمَلِهِ أَوْ حِمَارِهِ قَوْلُهُ تَعِسَ الشَّيْطَانُ وَالتَّعْسُ هُوَ السُّقُوطُ عَلَى أَنَّهُ جُعِلَ ذَلِكَ فِعْلاً لِلشَّيْطَانِ لِسُؤَالِهِ بِقَوْلِ‏:‏ تَعِسَ الشَّيْطَانُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، نَهَاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأَنَّهُ بِذَلِكَ مُوقِعٌ لِلشَّيْطَانِ أَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ كَانَ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ إنَّمَا كَانَ مِنْ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَرَهُ أَنْ يَكُونَ مَكَانَ ذَلِكَ بِسْمِ اللهِ حَتَّى لاَ يَكُونَ عِنْدَ الشَّيْطَانِ أَنَّهُ كَانَ مِنْهُ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ فِعْلٌ وَلَمَّا كَانَ مِنْ تَشَكِّي عُثْمَانَ إلَيْهِ عليه السلام مِنْ الشَّيْطَانِ مَا شَكَاهُ إلَيْهِ مِنْهُ مِمَّا هُوَ مَوْهُومٌ مِنْهُ أَنْ يَفْعَلَهُ بِهِ‏;‏ لأَنَّهُ مِنْ سُلْطَانِهِ عَلَى بَنِي آدَمَ أَمَرَهُ أَنْ يَخْسَأَهُ‏,‏ وَهُوَ الإِبْعَادُ وَمِنْهُ قوله تعالى ‏{‏قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ‏}‏ فَخَرَجَ مَعْنَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ بِمَا لاَ مُضَادَّةَ فِيهِ لِمَا فِي الْحَدِيثِ الآخَرِ مِنْهُمَا وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رَوَاهُ أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لاَ يَبْقَى عَلَى الأَرْضِ بَعْدَ مِائَةِ سَنَةٍ نَفْسٌ مَنْفُوسَةٌ

حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ ثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ثنا مُطَرِّفُ بْنُ طَرِيفٍ عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ نُعَيْمِ بْنِ دَجَاجَةٍ قَالَ كُنْت جَالِسًا عِنْدَ عَلِيٍّ فَجَاءَ أَبُو مَسْعُودٍ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ وَنَهَضَ‏:‏ يَا فُرَيْجُ أَمَا إنَّك تُعْيِي النَّاسَ قَالَ أَمَا إنِّي أُخْبِرُهُمْ أَنَّ الآخِرَ فَالآخِرَ شَرٌّ قَالَ فَحَدِّثْنَا مَا سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي الْمِائَةِ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لاَ يَكُونُ مِائَةُ سَنَةٍ وَعَلَى الأَرْضِ عَيْنٌ تَطْرِفُ قَالَ أَخْطَأْت وَأَخْطَأْت فِي أَوَّلِ فَتْوَاكَ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِمَنْ هُوَ يَوْمَئِذٍ‏,‏ وَهَلْ الرَّخَاءُ أَوْ الْفَرَجُ إِلاَّ بَعْدَ الْمِائَةِ فَتَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا حَكَاهُ أَبُو مَسْعُودٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا هُوَ مَا ذُكِرَ عَنْهُ فِيهِ أَنَّهُ لاَ يَكُونُ مِائَةُ سَنَةٍ وَعَلَى الأَرْضِ عَيْنٌ تَطْرِفُ فَكَانَ ظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يَبْقَى بَعْدَ الْمِائَةِ سَنَةٍ عَيْنٌ تَطْرِفُ عَلَى فَنَاءِ النَّاسِ جَمِيعًا وَفِي فَنَائِهِمْ ذَهَابُ الدُّنْيَا وَوَجَدْنَا فِيهِ مِنْ كَلاَمِ عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا كَانَ قَصَدَ بِكَلاَمِهِ ذَلِكَ لِمَنْ هُوَ يَوْمَئِذٍ عَلَى الأَرْضِ مِنْ النَّاسِ لاَ لِمَنْ سِوَاهُمْ وَإِتْبَاعُهُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ نَفْسِهِ‏,‏ وَهَلْ يَكُونُ الرَّخَاءُ أَوْ الْفَرَجُ إِلاَّ بَعْدَ الْمِائَةِ فَكَانَ فِي ذَلِكَ وُقُوفُهُ عَلَى مَا لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ مِمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَهُ وَكَانَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّ الَّذِي كَانَ مِنْ النَّبِيِّ عليه السلام هُوَ فَنَاءُ ذَلِكَ الْقَرْنِ بِغَيْرِ نَفْيٍ مِنْهُ أَنْ يَخْلُفَهُمْ قُرُونٌ بَعْضُهَا بَعْدَ بَعْضٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ وَجَدْنَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام مُوَافَقَةَ عَلِيٍّ فِيمَا حَكَاهُ مِنْ مُرَادِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا حَكَاهُ أَبُو مَسْعُودٍ عَنْهُ كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنْبَأَ نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ الْقُومِسِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَ مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي سَالِمٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ صَلاَةَ الْعِشَاءِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ أَرَأَيْتُكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لاَ يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدُهُمْ وَكَمَا حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ غُلَيْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ وَابْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلاَةَ الْعِشَاءِ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ وَوَجَدْنَا عَنْ جَابِرٍ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ثنا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ أَنْبَأَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللهِ مَتَى السَّاعَةُ قَالَ وَمَا سُؤَالُك عَنْ السَّاعَةِ مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ يَأْتِي عَلَيْهَا مِائَةُ سَنَةٍ وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ يَأْتِي عَلَيْهَا مِائَةُ سَنَةٍ قَالَ سُلَيْمَانُ أَرَاهُمْ ذَكَرُوا عِنْدَهُ السَّاعَةَ وَوَجَدْنَا عَنْ أَنَسٍ أَيْضًا هَذَا الْمَعْنَى كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ الْعَبْدِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو مَلِيحٍ الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ الْفَزَارِيّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ ثُمَّ اتَّكَأَ عَلَى غُلاَمٍ فَقَالَ رَأْسُ مِائَةِ سَنَةٍ لاَ يَبْقَى أَحَدٌ مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ الْيَوْمَ حَيٌّ فَقَدْ اتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ اللَّاتِي ذَكَرْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَائْتَلَفَتْ بِأَنَّ مُرَادَهُ كَانَ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو مَسْعُودٍ مِمَّا ذَكَرْنَا مَعْنًى مَوْهُومًا صَحِيحًا لاَ مَعْنَى مَا ظَنَّهُ الْجَاهِلُونَ مِمَّا قَدْ دَفَعَهُ الْعِيَانُ وَلاَ مِمَّا يُوهِمُ مَنْ تَوَهَّمَ مِنْ إغْفَالِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْضَ مَا كَانَ قَالَهُ فِي ذَلِكَ‏;‏ لأَنَّ نَقْلَهُمْ عَنْهُ نَقْلُ الْجَمَاعَةِ وَنَقْلُ الْجَمَاعَةِ بَرِيءٌ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَكُونُ مِثْلُ هَذَا إذَا كَانَ فِي نَقْلِ الآحَادِ‏.‏

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَقَدْ كَانَ فِي بَاقِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُخَضْرَمُونَ مِمَّنْ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَبَقِيَ فِي الإِسْلاَمِ حَتَّى جَاوَزَ هَذِهِ الْمُدَّةَ مِنْهُمْ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ فَقَدْ رُوِيَ فِي سِنِّهِ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا عَفَّانَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ قَالَ سَمِعْت أَبَا عُثْمَانَ يَقُولُ أَتَتْ عَلَيَّ ثَلاَثُونَ وَمِائَةُ سَنَةٍ مَا مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ نَقَصَ سِوَى أَمَلِي وَلَهُ فِي ذَلِكَ أَمْثَالٌ كَزِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ وَسُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ تُوُفِّيَ زِرٌّ‏,‏ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَتُوُفِّيَ سُوَيْد بْنُ غَفَلَةَ‏,‏ وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ قَالَ هُشَيْمٌ وَبَلَغَنِي أَنَّ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ وَمِائَةِ سَنَةٍ فَالْجَوَابُ لَهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا ذَكَرَهُ عَنْهُ عَلِيٌّ وَابْنُ عُمَرَ وَجَابِرٌ وَأَنَسٌ وَأَبُو مَسْعُودٍ رضي الله عنهم قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ مِمَّنْ كَانَ اتَّبَعَهُ لاَ مِمَّنْ سِوَاهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا أَرَادَ مِنْ ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَفَاةُ هَؤُلاَءِ الْمُعَمِّرِينَ فِي الْمِائَةِ سَنَةٍ الَّتِي ذَكَرَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ خُرُوجِهَا‏,‏ وَهُوَ أَوْلَى مَا حَمَلْتُ عَلَيْهِ هَذَا الْمَعْنَى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ عَلَى مَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ‏:‏ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا وَمِنْ قَوْلِهِ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُطْلَقًا وَفِي السَّبَبِ الَّذِي كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ثنا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ حَيَّانَ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ حَيٌّ مِنْ بَنِي لَيْثٍ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى مِيلَيْنِ وَكَانَ رَجُلٌ قَدْ خَطَبَ امْرَأَةً مِنْهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَبَوْا أَنْ يُزَوِّجُوهُ فَجَاءَهُمْ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ فَقَالَ إنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَسَانِي هَذِهِ الْحُلَّةَ وَأَمَرَنِي أَنْ أَحْكُمَ فِي دِمَائِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ بِمَا أَرَى وَانْطَلَقَ فَنَزَلَ عَلَى الْمَرْأَةِ فَأُرْسِلَ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ كَذَبَ عَدُوُّ اللهِ‏,‏ ثُمَّ أَرْسَلَ رَسُولاً وَقَالَ إنْ أَنْتَ وَجَدْتَهُ حَيًّا فَاضْرِبْ عُنُقَهُ وَلاَ أُرَاك تَجِدُهُ حَيًّا‏,‏ وَإِنْ وَجَدْتَهُ مَيِّتًا فَحَرِّقْهُ بِالنَّارِ فَجَاءَهُ فَوَجَدَهُ قَدْ لَدَغَتْهُ أَفْعَى فَمَاتَ فَحَرَقَهُ بِالنَّارِ فَذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا الْحِمَّانِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ عَنْ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى قَوْمٍ فِي جَانِبِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ إنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَنِي أَنْ أَحْكُمَ بِرَأْيِي فِيكُمْ فِي كَذَا‏,‏ وَفِي كَذَا وَقَدْ كَانَ خَطَبَ امْرَأَةً مِنْهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَبَوْا أَنْ يُزَوِّجُوهُ فَذَهَبَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى الْمَرْأَةِ فَبَعَثَ الْقَوْمُ إلَى النَّبِيِّ عليه السلام فَقَالَ كَذَبَ عَدُوُّ اللهِ‏,‏ ثُمَّ أَرْسَلَ رَجُلاً فَقَالَ إنْ أَنْتَ وَجَدْتَهُ حَيًّا فَاضْرِبْ عُنُقَهُ وَمَا أُرَاك تَجِدُهُ حَيًّا‏,‏ وَإِنْ وَجَدْتَهُ مَيِّتًا فَحَرِّقْهُ فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ فَوَجَدَهُ قَدْ لُدِغَ فَمَاتَ فَحَرَقَهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ فَكَانَ فِيمَا رَوَيْنَا ذِكْرُ السَّبِيلِ الَّذِي كَانَ عِنْدَ قَوْلِهِ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْقَوْلَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ التَّنُّورِيُّ وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالاَ ثنا أَبُو الْغُصْنِ دُجَيْنُ بْنُ ثَابِتٍ حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَفِي النَّارِ قَالَ فَقُلْت مَا اسْمُ الشَّيْخِ‏؟‏ قَالَ سُلَيْمٌ أَوْ أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ وَمِنْهُمْ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ عُثْمَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا فِي النَّارِ وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ ثنا ابْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ يَقُولُ مَا يَمْنَعُنِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَلَّا أَكُونَ أَوْعَى صَحَابَتِهِ عَنْهُ‏,‏ وَلَكِنْ اشْهَدُوا لَسَمِعْته يَقُولُ مَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَمِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ قَالاَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيٍّ قَالَ سَمِعْت عَلِيًّا‏,‏ يَخْطُبُ وَهُوَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ تَكْذِبُوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ يَكْذِبْ عَلَيَّ يَلِجْ النَّارَ وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ ثنا أَبُو قَطَنٍ عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ الْقَطَعِيُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ ثنا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ وَمِنْهُمْ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ تَمَّامٍ الْكَلْبِيُّ أَبُو الْكَرَوَّسِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ عِيسَى بْنِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ حَدَّثَ عَنِّي فَكَذَبَ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَمِنْهُمْ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ثنا أَبُو دَاوُد وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالاَ ثنا شُعْبَةُ أَخْبَرَنِي جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ الْمُحَارِبِيُّ قَالَ سَمِعْت عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْت لِلزُّبَيْرِ مَا يَمْنَعُك أَنْ تُحَدِّثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا يُحَدِّثُ عَنْهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَفُلاَنٌ وَفُلاَنٌ فَقَالَ أَمَا وَاَللَّهِ مَا فَارَقْته مُنْذُ أَسْلَمْت‏,‏ وَلَكِنِّي سَمِعْته يَقُولُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ‏.‏

زَادَ وَهْبٌ فِي حَدِيثِهِ وَاَللَّهِ مَا قَالَ مُتَعَمِّدًا وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ مُتَعَمِّدًا وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ مَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ عَنْ وَهْبٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَفَهْدٌ قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ حَدَّثَ عَنِّي كَذِبًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَمِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ أَنْبَأَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ الْمُثَنَّى، عَنْ جَدِّهِ رِيَاحِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْت النَّبِيَّ عليه السلام يَقُولُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَمِنْهُمْ ابْنُ مَسْعُودٍ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ثنا عَفَّانَ ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَمِنْهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا عَفَّانَ ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَمَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى أَبُو شُرَيْحٍ ثنا الْفِرْيَابِيُّ ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى‏.‏

ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَمِنْهُمْ عَائِشَةُ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيِّ حَدَّثَنَا حِصْنٌ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ قَالَ عَنِّي مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا فِي النَّارِ وَمِنْهُمْ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي الْفَيْضِ عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَمِنْهُمْ عَمَّارٌ وَأَبُو مُوسَى كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ يَعِيشَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْر الشَّيْبَانِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي فَاطِمَةَ عَنْ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ سَمِعْت عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ يَقُولُ لأَبِي مُوسَى أَنْشُدُك اللَّهَ أَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَمِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ كَمَا حَدَّثَنَا جَعْفَرُ الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَمِنْهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا يُونُسُ وَالرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ قَالاَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ وَكَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارَ وَابْنُ مَرْزُوقٍ قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ‏,‏ ثُمَّ اجْتَمَعُوا جَمِيعًا فَقَالُوا عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَمِنْهُمْ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا أَبُو قَطَنٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَكَمَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ الْبَغْدَادِيُّ أَبُو يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ الْمِصِّيصِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ وَمِنْهُمْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ حَسِبْته أَنَّهُ قَالَ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتَهُ مِنْ النَّارِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ‏.‏

ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَكَمَا حَدَّثَنَا عُبَيْدٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالاَ حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ كِتَابِي مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدٍ ‏"‏ فَلْيَتَبَوَّأْ ‏"‏ كَذَا

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَكَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَمْرٍو أَنْبَأَ شُعْبَةُ عَنْ حَمَّادٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَسْعُودٍ الْمَقْدِسِيُّ الْخَيَّاطُ حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ وَمِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ حَيَّانَ التَّيْمِيُّ قَالَ سَمِعْت زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ قَالَ بَعَثَ إلَيَّ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ فَقَالَ مَا أَحَادِيثُ تَبْلُغُنِي أَنَّك تُحَدِّثُ بِهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَزْعُمُ أَنَّ لَهُ حَوْضًا فِي الْجَنَّةِ فَقُلْت حَدَّثَنَا بِذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَوَعَدْنَاهُ‏,‏ قَالَ كَذَبْت‏,‏ وَلَكِنَّك شَيْخٌ قَدْ خَرِفْت فَقُلْت لَهُ أَمَا إنَّهُ قَدْ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ وَهُوَ يَقُولُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَمَا كَذَبْت عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي نُعَيْمَةَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الطُّنْبُذِيِّ رَضِيعِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا فِي جَهَنَّمَ وَمَنْ أَفْتَى بِغَيْرِ عِلْمٍ كَانَ إثْمُهُ عَلَى مَنْ أَفْتَاهُ وَمَنْ أَشَارَ عَلَى أَخِيهِ بِأَمْرٍ يَعْلَمُ أَنَّ الرُّشْدَ فِي غَيْرِهِ فَقَدْ خَانَهُ وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ وَمُبَشِّرُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُبَشِّرِ بْنِ مُكَسِّرٍ الْبَصْرِيُّ أَبُو بِشْرٍ قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ وَمِنْهُمْ أَبُو مُوسَى الْغَافِقِيُّ مَالِكُ بْنُ عُبَادَةَ كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ يَحْيَى بْنِ مَيْمُونٍ حَدَّثَهُ أَنَّ وَدَاعَةَ الْحَمْدِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ بِجَنْبِ مَالِكِ بْنِ عُبَادَةَ أَبِي مُوسَى الْغَافِقِيِّ وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ يَقُصُّ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللهِ خطأ‏.‏

G فَقَالَ مَالِكٌ إنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا غَافِلٌ أَوْ هَالِكٌ إنَّ النَّبِيَّ عليه السلام عَهِدَ إلَيْنَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ وَإِنَّكُمْ سَتَرْجِعُونَ إلَى قَوْمٍ يَشْتَهُونَ الْحَدِيثَ عَنِّي فَمَنْ عَقَلَ شَيْئًا فَلْيُحَدِّثْ بِهِ وَمَنْ افْتَرَى عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا أَوْ مَقْعَدًا فِي جَهَنَّمَ وَحَدَّثَنَاهُ يُونُسُ غَيْرَ مَرَّةٍ فَقَالَ فِي بَعْضِهَا عَاقِلٌ وَفِي بَعْضِهَا غَافِلٌ وَمِنْهُمْ أَبُو قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُزَيْزِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زِيَادِ بْنِ عُقَيْلٍ الأَيْلِيُّ حَدَّثَنَا سَلاَمَةُ بْنُ رَوْحٍ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا قَتَادَةَ الأَنْصَارِيَّ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الْحَدِيثِ وَمَنْ حَدَّثَ عَنِّي فَلاَ يَقُلْ إِلاَّ صِدْقًا أَوْ قَالَ حَقًّا أَوْ قَالَ إحْدَاهُمَا وَمَنْ افْتَرَى عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا فِي النَّارِ وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْر أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْت أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ قَالَ عَلَيَّ فَلاَ يَقُلْ إِلاَّ حَقًّا أَوْ صِدْقًا وَمَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ جَهَنَّمَ وَمِنْهُمْ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ الثَّقَفِيُّ كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَحْرِ بْنِ مَطَرٍ قَالاَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ أَبُو الْهُذَيْلِ الطَّائِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ نِيحَ عَلَى قَرَظَةَ بْنِ كَعْبٍ فَخَطَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَقَالَ مَا بَالُ النِّيَاحَةِ فِي هَذِهِ الآُمَّةِ إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ‏,‏ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَمَنْ نِيحَ عَلَيْهِ عُذِّبَ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ وَمِنْهُمْ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ كَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد وَفَهْدٌ قَالاَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَنْبَأَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ ثَوْبَانَ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي رُقَيَّةَ اللَّخْمِيِّ قَالَ سَمِعْت مَسْلَمَةَ بْنَ مَخْلَدٍ يَقُولُ لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قُمْ فَحَدِّثْ النَّاسَ بِمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَامَ عُقْبَةُ فَقَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتَهُ مِنْ جَهَنَّمَ وَسَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ الْحَرِيرُ وَالذَّهَبُ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ وَمِنْهُمْ خَالِدُ بْنُ عُرْفُطَةَ كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْن أَبِي زَائِدَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَلَمَةَ أَنَّ مُسْلِمًا مَوْلَى خَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ خَالِدَ بْنَ عُرْفُطَةَ قَالَ لِلْمُخْتَارِ هَذَا رَجُلٌ كَذَّابٌ وَلَقَدْ سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ جَهَنَّمَ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَفِي هَذَا الْبَابِ أَحَادِيثُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ تَرَكْتهَا إذْ كَانَتْ طُرُقُهَا لَيْسَتْ كَطُرُقِ هَذِهِ الآثَارِ وَفِي مَا قَدْ رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْبَابِ ذِكْرُهُ التَّعَمُّدَ بِالْكَذِبِ عَلَيْهِ وَفِي بَعْضِهَا السُّكُوتُ عَنْ ذَلِكَ‏,‏ وَهُوَ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لاَ يُوجِبُ اخْتِلاَفًا‏;‏ لأَنَّ مَنْ كَذَبَ فَقَدْ تَعَمَّدَ الْكَذِبَ وَلَحِقَهُ الْوَعِيدُ الَّذِي ذَكَرْنَا وَذِكْرُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم التَّعَمُّدَ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ عَلَى التَّوْكِيدِ لاَ عَلَى مَا سِوَاهُ كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ فَعَلْت كَذَا‏,‏ وَكَذَا بِيَدِي وَنَظَرْت إلَى كَذَا‏,‏ وَكَذَا بِعَيْنِي وَسَمِعْت كَذَا‏,‏ وَكَذَا بِأُذُنِي عَلَى التَّوْكِيدِ مِنْهُ فِي الْكَلاَمِ لاَ عَلَى أَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِغَيْرِ يَدِهِ وَلاَ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَهُ بِغَيْرِ أُذُنِهِ وَلاَ عَلَى أَنَّهُ يَرَاهُ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَكِتَابُ اللهِ تَعَالَى قَدْ جَاءَ بِمِثْلِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِمَّا يُوجِبُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْوَعِيدَ فِي الآخِرَةِ بِغَيْرِ ذِكْرِ تَعَمُّدٍ فِيهِ إذْ كَانَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِالتَّعَمُّدِ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ قوله تعالى ‏{‏وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ‏}‏ الآيَةَ وقوله تعالى ‏{‏إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ‏}‏ الآيَةَ وَأَتْبَعَ ذَلِكَ بِذِكْرِ الْوَعِيدِ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَمِنْ ذَلِكَ قوله تعالى ‏{‏الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا‏}‏ الآيَةَ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ التَّعَمُّدَ‏;‏ لأَنَّ هَذِهِ الأَشْيَاءَ لاَ تَكُونُ إِلاَّ عَلَى التَّعَمُّدِ‏;‏ وَلأَنَّهُ لاَ يَكُونُ كَاذِبًا وَلاَ يَكُونُ زَانِيًا وَلاَ يَكُونُ مُحَارِبًا وَلاَ يَكُونُ سَارِقًا إِلاَّ بِقَصْدِهِ إلَى ذَلِكَ وَتَعَمُّدِهِ إيَّاهُ‏,‏ وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَنْ كَذَبَ عَلَيْهِ مِنْ ذِكْرِهِ التَّعَمُّدَ فِي بَعْضِ ذَلِكَ وَمِنْ سُكُوتِهِ عَنْهُ فِي بَعْضِهِ وَإِنَّمَا ذِكْرُهُ التَّعَمُّدَ عَلَى التَّوْكِيدِ فِي الْكَلاَمِ لاَ عَلَى مَا سِوَاهُ‏;‏ لأَنَّهُ لاَ يَكُونُ مَا يَلْحَقُ الْوَعِيدُ فِيهِ إِلاَّ لِلْمُتَعَمِّدِينَ وَلاَ يَكُونُ كَاذِبًا وَلاَ سَارِقًا وَلاَ مُحَارِبًا وَلاَ زَانِيًا إِلاَّ مَنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ الْعَمْدُ وَغَيْرُ الْعَمْدِ فِي مِثْلِ الْقَتْلِ الَّذِي قَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ فِيهِ قَاتَلاَ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ وَيَكُونُ قَاتِلاً مُتَعَمِّدًا فَتَبَيَّنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ بِعَمْدِهِ وَخَطَئِهِ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْبَابِ بِزِيَادَةِ مَعْنًى ذَكَرَهُ فِيهِ أَخَّرْنَا ذِكْرَهُ إلَى هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ هَذَا الْبَابِ بِخِلاَفِ حَدِيثِ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ‏,‏ وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْر عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا لِيُضِلَّ بِهِ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَلَيْسَ أَحَدٌ يَرْفَعُهُ بِهَذَا اللَّفْظِ غَيْرَ يُونُسَ بْنِ بُكَيْر وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ لَيْسَ فِي سِنِّهِ مَا يُدْرِكُ بِهِ عَمْرَو بْنَ شُرَحْبِيلَ لِقِدَمِ وَفَاتِهِ وَقَدْ حَدَّثَنَاهُ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْر وَقَدْ دَخَلَ فِيهِ بَيْنَ طَلْحَةَ وَعَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ أَبُو عَمَّارٍ‏,‏ وَهُوَ غَرِيبٌ كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْدَهُ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا لِيُضِلَّ بِهِ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ‏.‏

وَقَدْ وَجَدْنَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الأَعْمَشِ كَذَلِكَ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ عليه السلام كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غِيلاَنَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً وَلَوْ كَانَ الْحَدِيثُ صَحِيحًا لَمَا كَانَ مُخَالِفًا لِغَيْرِهِ مِنْ الأَحَادِيثِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ‏;‏ لأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى التَّوْكِيدِ لاَ عَلَى مَا سِوَاهُ‏,‏ مِثْلُ ذَلِكَ قوله تعالى ‏{‏فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ‏}‏ فَذَكَرَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَهُ فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي ذَكَرَهُ فِيهَا مِنْ الْقُرْآنِ بِغَيْرِ ذِكْرِهِ مَعَهُ الزِّيَادَةَ الَّتِي فِي هَذَا الْمَوْضِعِ‏,‏ وَذَلِكَ عِنْدَنَا عَلَى تَوْكِيدِهِ حَيْثُ شَاءَ أَنْ يُوَكِّدَ وَتَرْكِهِ ذَلِكَ حَيْثُ شَاءَ تَرْكَهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ كُلِّهِ وَاحِدٌ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ مَنْ حَدَّثَ عَنِّي حَدِيثًا يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ

حَدَّثَنَا جَعْفَرُ الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ‏,‏ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ وحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا الْعَقَدِيُّ وَبِشْرٌ الزَّهْرَانِيُّ وَعَفَّانُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْحَكَمِ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا بَكَّارَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام مِثْلَهُ وحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ وَبِشْرُ بْنُ عُمَرَ قَالاَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ مَيْمُونٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ حَدَّثَنَا وَهْبٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ وَالْفِرْيَابِيُّ قَالاَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ مَيْمُونٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام مِثْلَهُ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِنَقِفَ عَلَى الْمُرَادِ بِهِ مِنْهُ مَا هُوَ فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ إلَى قَوْلِهِ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لاَ يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ فَوَجَدْنَاهُ تَعَالَى قَدْ أَخْبَرَ أَنَّ ذَوِي الْكِتَابِ مَأْخُوذٌ عَلَيْهِمْ أَنْ لاَ يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَكَانَ مَا يَأْخُذُونَهُ عَنْ اللهِ تَعَالَى هُوَ مَا يَأْخُذُونَهُ عَنْ رُسُلِهِ صلوات الله عليهم أجمعين إلَيْهِمْ فَكَانَ فِيمَا أَخَذَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَنْ لاَ يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَخَلَ فِيهِ أَخْذُهُ عَلَيْهِمْ أَنْ لاَ يَقُولُوا عَلَى رُسُلِهِ إِلاَّ الْحَقَّ كَانَ الْحَقُّ هَاهُنَا كَهُوَ فِي قوله تعالى ‏{‏إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ‏}‏ وَكَانَ مَنْ شَهِدَ بِظَنٍّ فَقَدْ شَهِدَ بِغَيْرِ الْحَقِّ إذْ كَانَ الظَّنُّ كَمَا قَدْ وَصَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا وَفِي ذَلِكَ إعْلاَمُهُ إيَّانَا أَنَّ الظَّنَّ غَيْرُ الْحَقِّ وَإِذَا كَانَ مَنْ شَهِدَ بِالظَّنِّ شَاهِدًا بِغَيْرِ الْحَقِّ كَانَ مِثْلُهُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا بِالظَّنِّ مُحَدِّثًا عَنْهُ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَالْمُحَدِّثُ عَنْهُ بِغَيْرِ الْحَقِّ مُحَدِّثٌ عَنْهُ بِالْبَاطِلِ وَالْمُحَدِّثُ عَنْهُ بِالْبَاطِلِ كَاذِبٌ عَلَيْهِ كَأَحَدِ الْكَاذِبِينَ عَلَيْهِ الدَّاخِلِينَ فِي قَوْلِهِ عليه السلام مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلاَتِهِ عَلَى الْجُهَنِيَّةِ الَّتِي رَجَمَهَا بِإِقْرَارِهَا عِنْدَهُ بِالزِّنَا وَفِي تَرْكِهِ الصَّلاَةَ عَلَى مَاعِزٍ الَّذِي رَجَمَهُ بِإِقْرَارِهِ عِنْدَهُ

حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ يَحْيَى أَبُو غَسَّانَ الْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتْ النَّبِيَّ عليه السلام وَهِيَ حُبْلَى مِنْ الزِّنَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللهِ إنِّي أَصَبْت حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ فَدَعَا النَّبِيُّ عليه السلام وَلِيَّهَا فَقَالَ لَهُ أَحْسِنْ إلَيْهَا فَإِذَا وَضَعَتْ حَمْلَهَا فَائْتِنِي بِهَا فَفَعَلَ فَأَمَرَ بِهَا النَّبِيُّ عليه السلام فَشُدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا وَأَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ‏,‏ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ تُصَلِّي عَلَيْهَا وَقَدْ زَنَتْ فَقَالَ عليه السلام لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ‏,‏ وَهَلْ وَجَدْتَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ تَعَالَى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى مِثْلَهُ‏.‏

غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ مَكَانَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رضي الله عنهما حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَاجِرِ عَنْ عِمْرَانَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ مَكَانَ مَا فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ‏:‏ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ‏.‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيِّ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي إسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ سَوَاءً‏.‏

فَفِيمَا رَوَيْنَا صَلاَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى هَذِهِ الْمَرْجُومَةِ فِي الزِّنَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ وَنُوحُ بْنُ حَبِيبٍ الْقُومِسِيُّ قَالاَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَ مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ جَاءَ النَّبِيَّ عليه السلام فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَا فَأَعْرَضَ عَنْهُ‏,‏ ثُمَّ اعْتَرَفَ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام أَبِك جُنُونٌ‏؟‏ قَالَ‏:‏ لاَ‏,‏ قَالَ‏:‏ أَحْصَنْتَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ عليه السلام فَرُجِمَ فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ فَرَّ فَأُدْرِكَ فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عليه السلام خَيْرًا وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ‏.‏

فَفِي هَذَا تَرْكُهُ الصَّلاَةَ عَلَى هَذَا الْمَرْجُومِ فِي الزِّنَا‏,‏ وَهُوَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ فَتَأَمَّلْنَا جَمِيعَ مَا رَوَيْنَا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمَرْجُومَيْنِ فِي الزِّنَا فِي صَلاَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مِنْهُمَا وَفِي تَرْكِهِ الصَّلاَةَ عَلَى مَنْ تَرَكَ الصَّلاَةَ عَلَيْهِ مِنْهُمَا لأَيِّ مَعْنًى كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ فَوَجَدْنَا الْمَرْأَةَ الَّتِي رَجَمَهَا لِإِقْرَارِهَا عِنْدَهُ بِالزِّنَا كَانَ مِنْهَا لِلَّهِ تَعَالَى فِي إقْرَارِهَا عِنْدَهُ بِذَلِكَ جُودٌ مِنْهَا بِنَفْسِهَا لَهُ وَبَذْلٌ مِنْهَا نَفْسَهَا لِإِقَامَةِ الْوَاجِبِ فِي ذَلِكَ الزِّنَا عَلَيْهَا وَفِي صَبْرِهَا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أُخِذَ مِنْهَا‏,‏ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهَا مُوجِبًا لِحَمْدِهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا إذْ كَانَ مِنْ سُنَّتِهِ عليه السلام صَلاَتُهُ عَلَى الْمَحْمُودِينَ مِنْ أُمَّتِهِ وَوَجَدْنَا مَا كَانَ مِنْ الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ أَقَرَّ عِنْدَهُ بِالزِّنَا بِخِلاَفِ ذَلِكَ‏;‏ لأَنَّهُ لَمْ يَجِئْ إلَيْهِ بَاذِلاً لِنَفْسِهِ فِي رَجْمِهِ إيَّاهُ الَّذِي يَكُونُ بِهِ مَوْتُهُ وَإِنَّمَا جَاءَهُ‏;‏ لأَنَّهُ يَرَى أَنَّهُ لاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِهِ وَسَنَأْتِي بِمَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏,‏ ثُمَّ كَانَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ، قَبْلَ أَنْ يُؤْتَى عَلَى نَفْسِهِ، هَرَبُهُ مِنْ إقَامَةِ عُقُوبَةِ اللهِ عَلَيْهِ الَّتِي أَوْجَبَهَا مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ عَلَيْهِ فَكَانَ فِي ذَلِكَ مُوقِعَ الرَّيْبِ فِي أَمْرِهِ‏;‏ لأَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْهَرَبُ كَانَ مِنْهُ لِرُجُوعٍ كَانَ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ أَوْ فِرَارًا مِنْ إقَامَةِ الْعُقُوبَةِ الَّتِي قَدْ لَزِمَتْهُ عَلَيْهِ وَكَانَ مَذْمُومًا فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ فَتَرَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّلاَةَ عَلَيْهِ لِذَلِكَ‏;‏ لأَنَّ مِنْ سُنَّتِهِ أَنْ لاَ يُصَلِّيَ عَلَى الْمَذْمُومِينَ مِنْ أُمَّتِهِ كَمَا لَمْ يُصَلِّ عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ‏,‏ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا وَكَمَا لَمْ يُصَلِّ عَلَى الْغَالِّ مِنْ الْغُزَاةِ مَعَهُ بِخَيْبَرَ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا فِي بَابِ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي أَمْرِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ مِنْ صَلاَتِهِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ تَرْكِ صَلاَتِهِ عَلَيْهِ فَمِمَّا رُوِيَ فِي أَمْرِ الْمَرْجُومِ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ هَرَبِهِ عَنْ اسْتِتْمَامِ الرَّجْمِ وَمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْقَوْلِ عِنْدَمَا بَلَغَهُ ذَلِكَ مِنْهُ مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ الصَّائِغُ ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ أَخْبَرَنِي النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ مَاعِزٌ الأَسْلَمِيُّ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ وَهُوَ جَالِسٌ فَأَقَرَّ بِالزِّنَا فَرَدَّهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ‏,‏ ثُمَّ أَمَرَ بِرَجْمِهِ فَأَقَامُوهُ فِي مَكَان قَلِيلِ الْحِجَارَةِ فَلَمَّا أَصَابَتْهُ الْحِجَارَةُ جَزِعَ فَخَرَجَ يَشْتَدُّ حَتَّى أَتَى الْحَرَّةَ فَثَبَتَ لَهُمْ فِيهَا فَرَمَوْهُ بِجَلاَمِيدِهَا حَتَّى سَكَتَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ مَاعِزٌ حِينَ أَصَابَتْهُ الْحِجَارَةُ جَزِعَ فَخَرَجَ يَشْتَدُّ فَقَالَ هَلَّا خَلَّيْتُمْ سَبِيلَهُ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ الأَزْدِيُّ ثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قِيلَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إنَّ مَاعِزًا حِينَ وَجَدَ مَسَّ الْمَوْتِ وَالْحِجَارَةِ فَرَّ قَالَ أَفَلاَ تَرَكْتُمُوهُ‏؟‏ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْن أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ نَصْرِ بْنِ دَهْرٍ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْت فِيمَنْ رَجَمَ مَاعِزًا فَلَمَّا وَجَدَ مَسَّ الْحِجَارَةِ جَزِعَ جَزَعًا شَدِيدًا فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ‏؟‏ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَذَكَرْت ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِهِ حِينَ سَمِعْته يَقُولُ فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ لِعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ فَقَالَ حَدَّثَنِي حَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ لِمَاعِزٍ سِتٌّ مِنْ رِجَالِ أَسْلَمَ وَمَا أَتَّهِمُ الْقَوْمَ وَلَمْ أَعْرِفْ الْحَدِيثَ فَجِئْت جَابِرًا فَقُلْت إنَّ رِجَالاً مِنْ أَسْلَمَ يُحَدِّثُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُمْ حِينَ ذَكَرُوا جَزَعَ مَاعِزٍ مِنْ الْحِجَارَةِ هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ وَمَا أَتَّهِمُ الْقَوْمَ وَلاَ أَعْرِفْ الْحَدِيثَ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي أَنَا أَعْلَمُ هَذَا الْحَدِيثَ كُنْت فِيمَنْ رَجَمَ الرَّجُلَ فَرَجَمْنَاهُ فَوَجَدَ مَسَّ الْحِجَارَةِ فَصَرَخَ بِنَا يَا قَوْمُ رُدُّونِي إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ قَوْمِي قَتَلُونِي وَغَرُّونِي مِنْ نَفْسِي وَأَخْبَرُونِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ قَاتِلِي فَلَمْ نَنْزِعْ عَنْهُ حَتَّى قَتَلْنَاهُ فَلَمَّا رَجَعْنَا إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْنَاهُ بِمَا قَالَ قَالَ فَهَلَّا تَرَكْتُمْ الرَّجُلَ وَجِئْتُمُونِي بِهِ لِيَسْتَثْبِتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ فَأَمَّا لِتَرْكِهِ حَدًّا فَلاَ فَعَرَفْت وَجْهَ الْحَدِيثِ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمُبَارَكِ ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ثنا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمٍ، عَنْ أَبِيهِ جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إنِّي زَنَيْت فَأَقِمْ عَلَيَّ كِتَابَ اللهِ حَتَّى أَتَى أَرْبَعَ مِرَارٍ قَالَ اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ فَلَمَّا مَسَّتْهُ الْحِجَارَةُ جَمَزَ فَاشْتَدَّ فَخَرَجَ عَبْدُ اللهِ مِنْ بَادِيَتِهِ فَرَمَاهُ بِوَظِيفِ حِمَارٍ فَصَرَعَهُ فَرَمَاهُ النَّاسُ حَتَّى قَتَلُوهُ فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِرَارُهُ فَقَالَ هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ‏.‏

وَفِيمَا رَوَيْنَا فِي هَذَا الْفَصْلِ قَوْلُ الْمَرْجُومِ لِلنَّاسِ إنَّ قَوْمِي قَتَلُونِي وَغَرُّونِي مِنْ نَفْسِي وَأَخْبَرُونِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ قَاتِلِي فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مَجِيئَهُ كَانَ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَإِقْرَارَهُ عِنْدَهُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ لَيْسَ لأَنَّهُ يَرْجُمُهُ الرَّجْمَ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ قَتْلُهُ‏,‏ وَلَكِنْ لِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ نُزُولِ قُرْآنٍ فِيهِ بِمَعْنًى عَسَى أَنْ لاَ يَكُونَ مَعَهُ عُقُوبَةٌ لَهُ فَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ كَالْجُهَنِيَّةِ الْمُقِرَّةِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالزِّنَا عَلَى نَفْسِهَا وَطَلَبِهَا مِنْهُ إقَامَةَ الْعُقُوبَةِ عَلَيْهَا وَتَرْدَادِهَا إلَيْهِ لِذَلِكَ فِي حَالِ حَمْلِهَا وَبَعْدَ وَضْعِهَا حَمْلَهَا وَبَعْدَ فِطَامِهَا وَلَدَهَا فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى عِلْمِهَا بِالْعُقُوبَةِ‏,‏ لأَنَّ ذَلِكَ لاَ يَخْفَى عَلَى مِثْلِهَا فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَلاَ يُخْفِيهِ عَلَيْهَا مَنْ يَرَاهَا تَطْلُبُ إقَامَةَ الْحَدِّ عَلَيْهَا فِيمَا كَانَ مِنْهَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَهَا وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلاَةَ عَلَى ذَلِكَ الْمَرْجُومِ‏.‏

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَلَغَهُ مَا كَانَ مِنْهُ قَالَ لَهُ خَيْرًا فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ مَحْمُودًا وَلَمْ يَكُنْ مَذْمُومًا قِيلَ لَهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ مَا قَدْ ذَكَرْت وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِيمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ فِي أَمْرِهِ خِلاَفُ ذَلِكَ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ يَعْنِي الرَّقِّيَّ الْقَطَّانَ ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ جَاءَ مَاعِزٌ إلَى النَّبِيِّ عليه السلام فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَسَأَلَ عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم‏,‏ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ فَرَجَمْنَاهُ بِالْخَزَفِ وَالْجَنْدَلِ وَالْعِظَامِ وَمَا حَفَرْنَا لَهُ وَمَا أَوْثَقْنَاهُ فَسَبَقَنَا إلَى الْحَرَّةِ فَاتَّبَعْنَاهُ فَقَامَ لَنَا فَرَمَيْنَاهُ حَتَّى سَكَتَ فَمَا اسْتَغْفَرَ لَهُ النَّبِيُّ عليه السلام وَمَا سَبَّهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ خِلاَفُ مَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ ثُمَّ تَأَمَّلْنَا حَدِيثَ جَابِرٍ فَوَجَدْنَا عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام مَا قَدْ كَشَفَ الْمَعْنَى لَنَا فِيهِ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى بْنِ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا أَبِي ثنا غِيلاَنُ بْنُ جَامِعٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُمْ لَبِثُوا بَعْدَ رَمْيِ مَاعِزٍ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ جُلُوسٌ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالُوا غَفَرَ اللَّهُ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام‏,‏ لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ أُمَّةٍ لَوَسِعَتْهَا فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ تَرَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّلاَةَ عَلَيْهِ وَمِنْ هَذَا الْقَوْلِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْحَمْدَ لَحِقَهُ مِنْ النَّبِيِّ عليه السلام بَعْدَ ذَهَابِ وَقْتِ الصَّلاَةِ عَلَيْهِ‏,‏ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ قَدْ صَلَّى عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْحَمْدُ لَهُ لِمَعْنًى عَلِمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَدَثَ فِي أَمْرِهِ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ تَعَالَى لَحِقَتْهُ إمَّا بِوَحْيٍ جَاءَهُ وَإِمَّا بِرُؤْيَا رَآهَا فِيهِ وَقَدْ وَجَدْنَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فِي حَدِيثٍ قَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‏,‏ وَهُوَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ سَمِعْت يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ يَقُولُ أَنْبَأَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هَضَّاضٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ زَنَى فَأَتَى هَزَّالاً فَأَقَرَّ لَهُ أَنَّهُ زَنَى فَقَالَ لَهُ هَزَّالٌ ائْتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبِرْهُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ فِيك قُرْآنٌ فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إنِّي قَدْ زَنَيْت فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ أَرْبَعَ مِرَارٍ‏,‏ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ فَلَجَأَ إلَى شَجَرَةٍ فَقُتِلَ فَقَالَ رَجُلٌ لِصَاحِبِهِ هَذَا قَدْ قُتِلَ كَمَا يُقْتَلُ الْكَلْبُ فَمَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِحِمَارٍ مُنْتَفِخٍ فَقَالَ لَهُمَا انْهَشَا مِنْ هَذَا قَالاَ يَا رَسُولَ اللهِ لاَ نَسْتَطِيعُ جِيفَةٌ مُنْتِنَةٌ فَقَالَ مَا أَصَبْتُمَا مِنْ أَخِيكُمَا أَنْتَنُ إنَّهُ يَهَشُّ فِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ‏,‏ ثُمَّ قَالَ وَيْحَك يَا هَزَّالُ أَلاَ سَتَرْته وَيْحَك يَا هَزَّالُ أَلاَ سَتَرْته‏.‏

وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ بْنِ نُعَيْمٍ أَنْبَأَ حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَنْبَأَ عَبْدُ اللهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هَضَّاضٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ مَكَانَ يَهَشُّ فِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ إنَّهُ لَيَنْغَمِسُ فِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ كَانَ مِنْ النَّبِيِّ عليه السلام لَمْ يَكُنْ عَقِيبًا لِرَجْمِهِ مَاعِزًا وَإِنَّمَا كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُدَّةٌ وَقَفَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَقِيقَةِ مَا صَارَ إلَيْهِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى مِمَّا لَمْ يَكُنْ وَاقِفًا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلاَ عَالِمًا بِهِ حَتَّى أَعْلَمَهُ اللَّهُ إيَّاهُ وَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام لَهُ خَيْرًا كَانَ مُؤَخَّرًا عَنْ غَيْرِ الصَّلاَةِ عَلَيْهِ فَأَمَّا فِي حَدِيثِ ابْنِ هَضَّاضٍ الَّذِي رَوَيْنَاهُ مِمَّا حُكِيَ فِيهِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلرَّجُلَيْنِ مَا قَالَ مَوْصُولاً بِانْصِرَافِهِمْ مِنْ رَجْمِهِ فَذَلِكَ مُسْتَحِيلٌ‏;‏ لأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَحْضُرْ رَجْمَهُ وَإِنَّمَا جَاءَهُ رَاجِمُوهُ فَأَخْبَرُوهُ بِمَا كَانَ مِنْهُمْ وَمِنْهُ ثُمَّ كَانَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ هَذَا الْقَوْلُ بَعْدَ وُقُوفِهِ عَلَى حَقِيقَةِ مَا صَارَ إلَيْهِ عِنْدَ رَبِّهِ تَعَالَى مِنْ عَفْوِهِ عَنْهُ‏.‏